قوله تعالى : (أَلا إِنَّ لِلَّهِ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ ؛) أي له من فيهما من الخلق على من لا يعقل. قوله تعالى : (وَما يَتَّبِعُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ شُرَكاءَ ؛) أي ما يتّبعون شركاء على الحقيقة والمعرفة ، (إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ ؛) أي ما يدّعونهم إلا بالظنّ بتقليد آبائهم وقول بعضهم : (ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللهِ زُلْفى)(١) ويظنّون أنّها تشفع لهم يوم القيامة. قوله تعالى : (وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ) (٦٦) ؛ أي ما هم إلا يكذبون في قولهم إنّها تشفع لهم عند الله.
قوله : (هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهارَ مُبْصِراً ؛) أي هو الذي جعل لكم الليل لتناموا فيه وتستريحوا عمّا لحقكم من النّصب بالنهار ، وخلق النهار مضيئا للذهاب والمجيء وطلب المعيشة ، وسمّاه مبصرا ؛ لأنه يبصر فيه كما قال رؤبة : (قد نام ليلي ، وتجلّى همّي). قوله تعالى : (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ ؛) أي في ذلك (٢) للدلالات ، (لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ) (٦٧) ؛ دلائل الله ، ويتفكّرون فيها.
قوله تعالى : (قالُوا اتَّخَذَ اللهُ وَلَداً سُبْحانَهُ ؛) أي قال الكفار : اتّخذ الله ولدا ، فإن المشركين قالوا : الملائكة بنات الله ، واليهود قالوا : عزير ابن الله ، والنصارى قالوا : المسيح ابن الله ، سبحانه وتعالى ؛ أي تنزيها له عن الولد ، والشّريك ، (هُوَ الْغَنِيُّ ،) هو غنيّ عن اتخاذ الولد.
قوله تعالى : (لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ ؛) معناه : إنّ من كان له ملك السّموات والأرض وما بينهما ، فما حاجته الى اتّخاذ الولد؟! وإنما يتخذ الولد ذو الضّعف ليتقوّى به ، ويستعين به على بعض أموره ، وذو الوحشة ليستأنس به ، ومن يخاف الموت على نفسه ، فيتّخذ الولد ليخلفه في أملاكه بعد موته ، والله تعالى
__________________
(١) الزمر / ٣.
(٢) في المخطوط : (ذكرك).