قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمانِهِمْ ؛) أي إن الذين صدّقوا بمحمّد والقرآن وعملوا الصالحات يرشدهم ربّهم على الصّراط إلى الجنّة بنور إيمانهم. وقيل : يرشدهم إلى منازلهم في الجنة. وقيل : يثبتهم على الإيمان.
وقوله تعالى : (تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ) (٩) ؛ أي تجري الأنهار بين أيديهم وهم في الغرف يتطلّعون عليها كما قال عزوجل حاكيا عن فرعون (أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهذِهِ الْأَنْهارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي)(١). ويجوز أن يكون معناه : تجري من تحت شجرهم وبساتينهم في جنات تنعمون فيها.
قوله تعالى : (دَعْواهُمْ فِيها ؛) أي قولهم ودعاؤهم في الجنّة : (سُبْحانَكَ اللهُمَّ ،) فإذا سمع الخدّام ذلك من قولهم أتوهم بما يشتهون ، قال ابن جريج : (يمرّ الطّير على الرّجل من أهل الجنّة فيشتهيه ، فيسبح الله تعالى ، فيقع بين يديه فيأكل منه ما شاء ، فإذا فرغ قال : الحمد لله) (٢). ويقال معنى قوله : (دَعْواهُمْ فِيها) أي مفتتح كلامهم التسبيح ، ومختتم كلامهم التحميد ، لا أن يكون الحمد آخر كلامهم حتى لا يتكلمون بعده بشيء.
قال طلحة بن عبد الله : سئل رسول الله صلىاللهعليهوسلم عن قول : سبحان الله ، فقال : [هو تنزيه لله من كلّ سوء](٣). وسئل عليّ رضي الله عنه عن ذلك فقال : (كلمة رضيها الله لنفسه) (٤). وقال الحسن : (بلغني أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال حين قرأ هذه الآية : [إنّ أهل الجنّة يلهمون الحمد والتّسبيح ، كما تلهمون أنفسكم].
قوله تعالى : (وَتَحِيَّتُهُمْ فِيها سَلامٌ وَآخِرُ دَعْواهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) (١٠) ؛ أي يحيي بعضهم بعضا بالسلام ، وتحييهم الملائكة بالسلام ،
__________________
(١) الزخرف / ٥١.
(٢) بمعناه أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (١٣٦١٨).
(٣) أخرجه الطبري في جامع البيان : الرقم (١٣٦٢٤) بسند ضعيف.
(٤) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (١٣٦٢٣).