قوله تعالى : (يُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) (٥) ؛ أي نبيّن علامات وحدانيّة الله تعالى بأنه بعد آية (لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) تفصيل الآيات. قرأ ابن كثير وأبو عمرو وحفص (يفصّل) بالياء ، واختاره أبو عبيد وأبو حاتم لقوله قبله (ما خلق) فيكون متّبعا له ، وقرأ الباقون بالنّون على التعظيم.
قوله تعالى : (إِنَّ فِي اخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَما خَلَقَ اللهُ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ) (٦) ؛ معناه : إنّ في اختلاف ألوان الليل والنهار وتقلّبها بذهاب الليل وجيئة النهار ، وذهاب النهار وجيئة الليل ، وفيما خلق الله في السّموات من الشمس والقمر والنجوم والسّحاب والرياح ، والأرض من الجبال والشجر والبحار والأنهار والدواب والنبات ، لعلامات لقوم يتّقون الله ويخشون عقوبته.
فلم يؤمنوا بهذه الآيات ولم يصدّقوا ، فأنزل الله عزوجل :
قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا وَرَضُوا بِالْحَياةِ الدُّنْيا وَاطْمَأَنُّوا بِها وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آياتِنا غافِلُونَ) (٧) ؛ معناه : إن الذين لا يخشون عقاب الله ، وتنعّموا بالحياة الدّنيا ، فلا يعملون إلا بها ولا يرجون إلى ما ورائها (واطمأنّوا بها) أي سكنوا إليها وآثروها على عمل الآخرة ، والذين هم عن دلائل توحيدنا غافلون تاركون لها مكذّبون بها.
قوله تعالى : (أُولئِكَ مَأْواهُمُ النَّارُ ؛) أي أهل هذه الصّفة مصيرهم إلى النار ، (بِما كانُوا يَكْسِبُونَ) (٨) ؛ يعملون في دار الدّنيا. وقد يذكر الرجاء بمعنى الخوف كما قال الله (ما لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقاراً)(١) أي لا تخافون لله عظمة ، ويجوز أن يكون المعنى : لا يرجون لقاءنا ؛ أي لا يرجون جزاءنا ، فجعل لقاء جزائه بمنزلة لقائه.
__________________
(١) نوح / ١٣.