قوله تعالى : (ما عِنْدِي ما تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ) روي : أنّ رؤساء قريش كانوا يستعجلون العذاب ، حتى قام النضر بن الحارث في الحطيم وقال : اللهمّ إن كان ما يقول محمّد حقّا فأتنا بالعذاب ، فنزلت هذه الآية.
وقيل : معناه : (ما عِنْدِي ما تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ) من الآيات التي تقترحونها. قوله تعالى : (إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ ؛) أي ما القضاء وتنزيل الآيات إلّا لله ، (يَقُصُّ الْحَقَّ ؛) أي يحكم بالعدل ويقضي القضاء الحقّ ، (وَهُوَ خَيْرُ الْفاصِلِينَ) (٥٧) ؛ أي أعدل الفاصلين.
ومن قرأ (يقضّ الحقّ) بالضاد المشدّدة ؛ فمعناه : يبيّن ويأمر به ، ومن قرأ (يقضي) أي يحكم. وقرأ ابن عبّاس : (يقضي بالحقّ). وأما سقوط الياء في قراءة من قرأ (يقضّ) فإنّها سقطت في الخطّ لالتقاء السّاكنين ، كما في قوله تعالى : (سَنَدْعُ الزَّبانِيَةَ)(١)(يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ)(٢). وفي جميع المصاحف : (يَقُصُّ) بغير ياء (٣).
قوله تعالى : (قُلْ لَوْ أَنَّ عِنْدِي ما تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ) ؛ أي قل يا محمّد : (لَوْ أَنَّ عِنْدِي ما تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ) من العذاب ، (لَقُضِيَ الْأَمْرُ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ) ؛ أي لأهلكتكم ؛ وانقطع ما بيني وبينكم من مطالبتي إياكم بالإخلاص في طاعة الله وعبادته ، وامتناعكم من ذلك ، (وَاللهُ أَعْلَمُ بِالظَّالِمِينَ) (٥٨) ؛ أي بعقوبتكم ووقت عذابكم.
قوله عزوجل : (وَعِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُها إِلَّا هُوَ) ؛ قرأ ابن السّميقع : (مفاتيح الغيب) بالياء. واختلفوا في معنى (مَفاتِحُ الْغَيْبِ) فروى عبد الله بن
__________________
(١) العلق / ١٨.
(٢) القمر / ٦.
(٣) في الجامع لأحكام القرآن : ج ٦ ص ٤٣٩ ؛ قال القرطبي : (قال مكي : وقراءة الصاد أحبّ إلي ؛ لاتفاق الحرمين وعاصم على ذلك ، ولأنه لو كان من القضاء للزمت الياء فيه كما أتت في قراءة ابن مسعود. قال النحاس : ومثل هذا الاحتجاج لا يلزم ؛ لأن مثل هذه الياء تحذف كثيرا. وقراءة ابن مسعود : (إن الحكم إلّا لله يقضي بالحقّ).