ويقال : معناه : لا يزالون شاكّين حتى يموتوا ، فإذا ماتوا صاروا إلى اليقين حيث لا ينفعهم اليقين ، قال السديّ : (معناه : لا يزال هدم بنيانهم الّذي بنوه ريبة في قلوبهم ؛ أي حزازة وغيظا في قلوبهم ؛ أي أن تصدّع قلوبهم فيموتوا).
وقرأ الحسن ويعقوب أي (إن) مخفّفا على الغاية ، يدلّ عليه تفسير الضحّاك وقتادة ، ولا يزالون في شكّ منه إلى أن يموتوا فيستيقنوا ويتبيّنوا ، قرأ شيبة وابن عامر وحمزة وحفص (تقطّع) بفتح التاء وتشديد الطاء المعنى تتقطع ، ثم حذفت إحدى التائين ، وقرأ ابن كثير ومجاهد ونافع وعاصم وأبو عمر والكسائي (تقطّع) بضم التاء وتشديد الطاء على غير تسمية الفاعل ، وقرأ يعقوب (تقطع) بضم التاء خفيفة الطاء من القطع. وروي عن ابن كثير بفتح التاء خفيفة ، (قلوبهم) نصبا أي بفعل ذلك أنت بهم.
قوله تعالى : (وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) (١١٠) ؛ أي عليم بأعمالكم ، حكيم في ما حكم من هدم مسجدهم وأظهر نفاقهم.
قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ ؛) معناه : إنّ الله طلب المؤمنين أن يعدّوا أنفسهم وأموالهم ويخرجوا إلى الجهاد في سبيل الله ليثيبهم الجنة على ذلك.
فإن قيل : كيف يصحّ شراء الجنّة على ذلك وهي مملوكة لله تعالى؟ وكيف يشتري أحد ملكه يملكه؟ قيل : إنما ذكر هذا على وجه التلطّف للمؤمنين في تأكيد الجزاء كما قال الله تعالى : (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً)(١) فذكر الصدقة بلفظ القرض للتحريض على ذلك والترغيب فيه ، إذا القرض يوجب ردّ المفلس لا محالة ، وكأن الله عامل عباده معاملة من هو غير مالك ، وعن جعفر الصّادق أنه كان يقول : (يا ابن آدم اعرف قدر نفسك ، فإنّ الله عزوجل عرّفك قدرك ولم يرض أن يكون لك ثمن غير الجنّة).
__________________
(١) البقرة / ٢٤٥.