تعالى بك وإنّ قومه ليتوّجونه ، فهو يرى أنّك سلبته ملكا عظيما. فساء رسول الله يومه ذلك حتّى أمسى ، وليلته حتّى أصبح ونزل على رسول الله صلىاللهعليهوسلم في قول ابن أبيّ (وَهَمُّوا بِما لَمْ يَنالُوا) ونزل (لِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ)(١).
وقوله تعالى : (وَما نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْناهُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ ؛) معناه : وما طعنوا على النبيّ صلىاللهعليهوسلم وأصحابه إلّا أن أغناهم الله من فضله وأغناهم رسوله ، وذلك أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قدم إلى المدينة وكان أهلها من شدّة العيش لا يركبون الخيل ، ولا يحوزون الغنيمة ، فلما قدم النبيّ صلىاللهعليهوسلم المدينة استغنوا.
قوله تعالى : (فَإِنْ يَتُوبُوا يَكُ خَيْراً لَهُمْ ؛) أي إن يتوبوا من النّفاق يكن خيرا لهم في الدّنيا والآخرة ، (وَإِنْ يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللهُ عَذاباً أَلِيماً فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ) وإن يعرضوا عن التوبة يعذّبهم الله في الدنيا بالقتل ، ويقال : بإظهار حالهم في الآخرة بالنار ، (وَما لَهُمْ فِي الْأَرْضِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ) (٧٤) ؛ أي وما لهم في الأرض من حافظ يحفظهم ، ولا دافع يدفع عنهم عذاب الله ، قال ابن عبّاس : (فلمّا نزلت هذه الآية قال الجلّاس بن سويد : يا رسول الله أسمع الله قد عرض عليّ التّوبة ، صدق عامر بن قيس فيما قال لك ، وأنا أستغفر الله عزوجل وأتوب إليه. فقبل منه رسول الله صلىاللهعليهوسلم ثمّ تاب وحسنت توبته) (٢).
قوله تعالى : (وَمِنْهُمْ مَنْ عاهَدَ اللهَ لَئِنْ آتانا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ (٧٥) فَلَمَّا آتاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ) (٧٦) ؛ قال ابن عبّاس : (معناه : ومن المنافقين من عاهد الله وهو ثعلبة بن حاطب ، كان له مال بالشّام فأبطئ عليه ، فجهد لذلك جهدا شديدا ، فحلف بالله لئن آتانا من فضله يعني المال الّذي له بالشّام لنصّدّقنّ منه ، ولنصلنّ الرّحم ولنؤدّينّ من حقّ الله ، ولنكوننّ من المقيمين لفرائض الله ، فآتاه الله المال الّذي كان له بالشّام ، فبخل بما وعد ولم يفعل ما عاهد الله عليه) (٣).
__________________
(١) أخرجه الطبري في جامع البيان : تفسير الآية ٨ من سورة المنافقين : الحديث (٢٦٤٨١).
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان : الحديث (١٣٢٠٣) من طريقين.
(٣) أخرجه الطبري في جامع البيان : الحديث (١٣٢٠٤).