قوله تعالى : (وَرِضْوانٌ مِنَ اللهِ أَكْبَرُ ؛) أي رضى الرب عنهم أكبر وأعظم من هذا النعيم كلّه لأنّهم إنّما نالوا ذلك كله برضوان الله عزوجل ، والرّضوان : إرادة الخير والثواب. قوله تعالى : (ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) (٧٢) أي ذلك الذي ذكرت هو الحياة الوافرة ، نجوا من النار وظفروا بالجنّة.
وعن الحسن في قوله تعالى : (وَرِضْوانٌ مِنَ اللهِ أَكْبَرُ) أي سرور في الآخرة برضوان الله عنهم يكون أكثر من سرورهم بهذا النّعيم كلّه. وعن رسول الله صلىاللهعليهوسلم : [إذا أنزل الله أهل الجنّة منازلهم ، قال : ألا أعطيكم ما هو أكبر من هذا كلّه؟ فيقولون : بلى يا رب وما أكبر من ذلك؟ يقول الله تعالى : أحلّ عليكم رضواني فلا أسخط عليكم أبدا](١).
قوله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ جاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ ؛) أي جاهد الكفّار بالسّيف والمنافقين باللّسان ، واغلظ على الفريقين جميعا ، (وَمَأْواهُمْ ،) ومصيرهم في الآخرة ، (جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) (٧٣) ؛ الموضع الذي يصيرون إليه ، وقال الحسن : (معناه جاهد الكفّار بالقتال ، والمنافقين بالحدود ، فإنّهم كثيرو التّعاطي للأسباب الموجبة للحدود) (٢).
قوله تعالى : (يَحْلِفُونَ بِاللهِ ما قالُوا وَلَقَدْ قالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلامِهِمْ ؛) قال ابن عبّاس : (نزلت في عبد الله بن أبي والجلّاس بن سويد وعامر ابن النّعمان وغيرهم ، كانوا خمسة عشر رجلا ، خطب رسول الله صلىاللهعليهوسلم ذات يوم بتبوك وسمّاهم رجسا ، فقال الجلّاس : لئن كان ما يقول محمّد حقّا على إخواننا فنحن شرّ من الحمير ، فسمعه عامر بن قيس ، فقال : أجل والله إنّ محمّدا لصادق ولأنتم شرّ من الحمير.
__________________
(١) أخرجه الطبري في جامع البيان : الحديث (١٣١٨٢). والبخاري في الصحيح : كتاب التوحيد : باب كلام الرب مع أهل الجنة : الحديث (٥٧١٨). ومسلم في الصحيح : كتاب الجنة : باب إحلال الرضوان على أهل الجنة : الحديث (٩ / ٢٨٢٩).
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (٣١٨٨).