وسمّي الذهب ذهبا ؛ لأنه يذهب ولا يبقى ، وسميت فضة لأنّها تنفضّ ؛ أي تفرّق ولا تبقى ، وحسبك باسمهنّ دلالة على فنائهما وأنه لا بقاء لهما.
وقوله تعالى : (فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ) أي ضع الوعيد لهم بالعذاب موضع بشارة بالنّعم لغيرهم ؛ وعن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال : (كلّ مال أدّيت زكاته فليس بكنز وإن كانت تحت سبع أرضين ، وكلّ مال لم تؤدّ زكاته فهو كنز وإن كان ظاهرا) (١).
قوله تعالى : (يَوْمَ يُحْمى عَلَيْها فِي نارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوى بِها جِباهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ ؛) أي يوم يوقد على المكنوز في نار جهنّم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم عقوبة ، قال ابن عباس : (لا يوضع دينار ولا درهم على دينار ولا على درهم ، ولكن توسّع جلودهم لذلك فلا يمسّ دينار دينارا ولا درهم درهما) (٢).
قوله تعالى : (هذا ما كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ ؛) أي يقال لهم : هذا ما جمعتم في دار الدّنيا ، (فَذُوقُوا ما كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ) (٣٥) ، فذوقوا عقوبة ما كنتم تجمعون. وسئل أبو بكر الورّاق : لم خصّت الجباه والجنوب والظّهور بالكيّ؟ فقال : (لأنّ الغنيّ صاحب الكنز إذا رأى الفقير انعصر وإذا ضمّه وإيّاه مجلس ازورّ عليه وولّاه ظهره) (٣).
عن ثوبان مولى النبيّ صلىاللهعليهوسلم أنه قال : لمّا نزلت هذه الآية قالت الصّحابة : فأيّ المال نتّخذ؟ فقال عمر : أنا أسأل رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فسأله فقال عليهالسلام : [لسانا ذاكرا وقلبا شاكرا وبدنا صابرا وزوجة تعينك على إيمانك](٤).
__________________
(١) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (١٢٩٣٨ و ١٢٩٣٧). وابن أبي حاتم في التفسير : الأثر (١٠٨١).
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (١٢٩٦٠) بإسنادين. وابن أبي حاتم في التفسير : الأثر (١٠٠٩٢) عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.
(٣) ينظر : اللباب في علوم الكتاب : ج ١٠ ص ٨٣.
(٤) أخرجه الطبري في جامع البيان : الحديث (١٢٩٤٥). والإمام أحمد في المسند : ج ٥ ص ٢٧٨ و ٢٨٢. والترمذي في الجامع : كتاب التفسير : الحديث (٣٠٩٤).