منه (فَاسْتَجابَ لَكُمْ) أي أجابكم ، والاستجابة التّعطية على موافقة المسألة (١).
وقوله تعالى : (أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ) قال ابن عبّاس : (كان مع كلّ ملك ملك فكان جملتهم ألفين) (٢). يقال : ردفت الرّجل ؛ إذا ركبت خلفه ، وأردفته إذا أركبته خلفك. وقال عكرمة وقتادة والضحّاك : (معناه : بألف من الملائكة متتابعين يتبع بعضهم بعضا) (٣) ، وقد يجوز أن يقال : أردفت الرّجل إذا جاء بعده ، وكذلك ردفه. وأما قراءة نافع (مردفين) بفتح الدال فمعناه : أردفهم الله بالمؤمنين ، ويقال : أردفته وردفته بمعنى تبعته ، قال الشاعر :
إذا الجوزاء أردفت التّريّا |
|
ظننت بآل فاطمة الظّنونا |
أي جاءت بعدها ؛ لأن الجوزاء تطلع بعد الثّريا (٤).
فنزل جبريل في خمسمائة ملك على الميمنة ، ونزل ميكائيل في خمسمائة ملك على الميسرة في صورة الرّجال عليهم ثياب بيض وعمائم بيض.
قوله تعالى : (وَما جَعَلَهُ اللهُ إِلَّا بُشْرى ؛) أي ما جعل الله إمداد الملائكة إلا بشارة بالنصر للمؤمنين ، وقيل : معناه : ما جعل الله إخبار النبيّ صلىاللهعليهوسلم بإمداد الملائكة إلا بشرى بالنصر.
وقوله تعالى : (وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ ؛) أي ولتسكن قلوبكم في الحرب فلا تخافون من عدوّكم. قوله تعالى : (وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللهِ ؛) أي ليس
__________________
(١) أخرج الإمام مسلم في الصحيح : كتاب الجهاد والسير : باب غزوة بدر : الحديث (٣ / ١٤٠٣ ـ ١٤٠٤) : عن أنس قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : [هذا مصرع فلان] قال : ويضع يده على الأرض ههنا وههنا ، ولمّا فرغ نبيّ الله من بدر ، قال بعضهم : عليك بالعير ، فناداه العبّاس وهو في وثاقه : لا يصلح!! فقال النّبيّ صلىاللهعليهوسلم : [ولم؟] قال : (لأنّ الله وعدك إحدى الطّائفتين وقد أعطاك).
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (١٢٢٣٤) بإسنادين الآخر بلفظ : (متتابعين).
(٣) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (١٢٢٣٦) عن الضحاك بلفظ : (بعضهم على إثر بعض) ، والأثر (١٢٢٣٧) مثله عن مجاهد ، والأثر (١٢٢٣٩) عن قتادة.
(٤) جامع البيان : تفسير الآية ٩ من سورة الأنفال. وفي اللسان نسبه ابن منظور لخزيمة بن مالك بن نهد.