اللّات من الله ؛ والعزّى من العزيز ؛ والمناة من المنّان) (١).
قرأ الأعمش وحمزة (يلحدون) بفتح الياء والحاء هنا وفي النحل (٢) وفي حم (٣) ، وقرأ الباقون بضمّ الياء وكسر الحاء وهما لغتان فصيحتان. والإلحاد : هو الميل عن القصد ، وروي عن الكسائيّ أنه الذي في النحل بفتح الياء والحاء ، والذي في الأعراف وحم بالضمّ ، وكان يفرّق بين الإلحاد فيقول : (الإلحاد : العدول عن القصد ، واللّحود : الرّكون) ويزعم أن الذي في النحل بمعنى الرّكون. قوله تعالى : (سَيُجْزَوْنَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) (١٨٠) ؛ وعيد لهم على الكفر والتكذيب.
قوله تعالى : (وَمِمَّنْ خَلَقْنا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ) (١٨١) ؛ قال ابن عبّاس : (وذلك أنّه لمّا ذكر الله تعالى (وَمِنْ قَوْمِ مُوسى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ) قال أناس من أصحاب النّبيّ صلىاللهعليهوسلم : ذكر الله هؤلاء الرّهط بالخير الجسيم ، وإن آمنوا بك وصدّقوك جعل الله لهم أجران ، ولنا أجر واحد ، ونحن صدّقنا بالكتب وبالرّسل ، فأنزل الله تعالى : (وَمِمَّنْ خَلَقْنا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ) يعني أمّة محمّد صلىاللهعليهوسلم ، لا يخلو الزّمان من فرقة منهم علماء أتقياء يدعون النّاس إلى الحقّ).
قوله تعالى : (وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ) (١٨٢) أي الذين كذبوا بدلائلنا سنحطّهم إلى العذاب درجة إلى أن يبلغوا إلى العذاب ، وقال عطاء : (سنمكّن لهم من حيث لا يعلمون). وقال الكلبيّ : (نزيّن لهم أعمالهم فنهلكهم). وقال الضحّاك : (كلّما جدّدوا لنا معصية جدّدنا لهم نعمة) (٤). وقال الخليل : (سنطوي عمرهم في اغترار منهم).
__________________
(١) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (١١٩٨٩ و ١١٩٩٠).
(٢) قوله تعالى : (وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّما يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهذا لِسانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ) [النحل / ١٠٣].
(٣) قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آياتِنا لا يَخْفَوْنَ عَلَيْنا أَفَمَنْ يُلْقى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِناً يَوْمَ الْقِيامَةِ ...) [فصلت / ٤٠].
(٤) ينظر : الجامع لأحكام القرآن : ج ٧ ص ٣٢٩. واللباب في علوم الكتاب : ج ٩ ص ٤٠٤.