بهم فلا يسلكوا مسالكهم. وقوله تعالى : (لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) (١٧٦) ؛ أي رجاء أن يتفكّروا.
قوله تعالى : (ساءَ مَثَلاً الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا ؛) أي بئس الوصف وصف القوم الذين كذبوا بآياتنا ، وهذا السّوء إنما يرجع إلى فعلهم لا إلى نفس المثل ، كأنه قال : ساء فعلهم الذي جلب إليهم الوصف القبيح ، فأمّا المثل من الله فحكمة وصواب ، و (مثلا) منصوب على التمييز ، أي ساء المثل مثلا. قوله تعالى : (وَأَنْفُسَهُمْ كانُوا يَظْلِمُونَ) (١٧٧) ؛ أي إنما يصرفون أنفسهم لمعصيتهم ، والله تعالى لا تضرّه معصية العاصين ، ولا تنفعه طاعة المطيعين.
قوله تعالى : (مَنْ يَهْدِ اللهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي ؛) أي من يوفّقه الله لدينه فهو المهتدي من الضّلالة ، (وَمَنْ يُضْلِلْ ؛) خذله عن دينه ، (فَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ) (١٧٨) ؛ المغبونون بعقوبة الآخرة.
قوله عزوجل : (وَلَقَدْ ذَرَأْنا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ ؛) وقال ابن عباس : (معناه : ولقد خلقنا لجهنّم أهلا) (١) ، (لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِها ؛) الخير ، (وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِها ؛) الهدى ، (وَلَهُمْ آذانٌ لا يَسْمَعُونَ بِها ؛) الحقّ ، (أُولئِكَ كَالْأَنْعامِ ؛) في المأكل والمشرب ، والذّهن لا في الصّور ، (بَلْ هُمْ أَضَلُّ ؛) لأنّ الأنعام مطيعة لله تعالى ، والكافر غير مطيع. وقوله تعالى : (أُولئِكَ هُمُ الْغافِلُونَ) (١٧٩) ؛ أي عن ما ينفعهم وعن ما يحلّ لهم في الآخرة.
وقيل : إنّ اللام في قوله : (لجهنّم) لام العاقبة ، يعني أنّ عاقبتهم إلى المصير إلى جهنّم ، وهذا كما قال تعالى : (فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَناً)(٢) أي كان عاقبتهم أن صار لهم عدوّا وإلّا فهم التقطوه ليكون لهم قرّة عين ، كما قال تعالى : (وَقالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ لا تَقْتُلُوهُ)(٣) ، ويقال :
__________________
(١) بمعناه أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (١١٩٨٤) عن مجاهد.
(٢) القصص / ٨.
(٣) القصص / ٩.