قوله تعالى : (وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتابِ وَأَقامُوا الصَّلاةَ ؛) معناه : والذين يعملون بما في كتاب الله ، قال مجاهد (١) : (هم اليهود والنّصارى الّذين يمسكون بالكتاب الّذي جاء به موسى ، لا يحرّفونه ولا يكتمونه ، أحلّوا حلاله وحرّموا حرامه ، ولا تتّخذونه مأكلة ، نزلت في عبد الله بن سلام وأصحابه).
وقال عطاء : (يعني أمّة محمّد صلىاللهعليهوسلم). قوله تعالى : (وَأَقامُوا الصَّلاةَ) أي عملوا الصالحات ، إلّا أنّه خصّ الصّلاة بالذّكر لعظم شأنها ، وقوله تعالى : (إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ) (١٧٠) ؛ أي نعطيه أجرهم في القول والعمل.
قوله تعالى : (وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ ؛) معناه : واذكر يا محمّد إذ قلعنا الجبل من أصله فجعلناه كالظّلّة فوق رأس بني إسرائيل ، وكلّ شيء اقتلعته فقد نتقته ، ومنه نتقت المرأة إذا أكثرت الولد ؛ أي اقتلعت ما في رحمها من ولدها ، وامرأة منتاق إذا كانت تكثر الولد.
وقال مجاهد : (نتقنا الجبل ؛ أي قطعنا الجبل). وقال الفرّاء : (علّقنا). وقال بعضهم : أصل النّتوق والنّتق أن تقطع الشيء من موضعه فترمي به ، وقال أبان بن ثعلبة : (سمعت رجلا من العرب يقول لغلامه خذ الجوالق (٢) وانتقه ؛ أي نكّسه). قوله تعالى : (كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ.) قال عطاء (كأنّه سقيفة ، والظّلّة كلّ ما أظلّك).
قوله تعالى : (وَظَنُّوا أَنَّهُ واقِعٌ بِهِمْ ؛) أي ظنّوا أنه ساقط عليهم لارتفاعه فوقهم ، وكان السبب في رفعه فوقهم أنه لمّا شقّ عليهم ما كان في التوراة من المواثيق ، وخافوا أن لا يمكنهم الوفاء به امتنعوا عن التزامه ، فرفع الله الجبل فوقهم.
وقوله تعالى : (خُذُوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ ؛) أي وقلنا لهم خذوا ما آتيناكم بقوّة ؛ أي اعملوا به بجدّ ومواظبة في طاعة ، (وَاذْكُرُوا ما فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) (١٧١)
__________________
(١) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (١١٨٩٦) مختصرا ، وهو تفسير قتادة كما في الأثر (١١٩٠٠) والسدي (١١٩٠٢).
(٢) في اللسان : الجوالق والجوالق بكسر اللام وفتحها : وعاء ، والجمع : الجوالق بالفتح و (الجواليق).