فاصدع بأمرك ما عليك غضاضة |
|
وأبشر بذاك وقرّ منك عيونا |
ودعوتني وزعمت أنّك ناصحي |
|
فلقد صدقت وكنت ثمّ أمينا |
وعرضت دينا لا محالة أنّه |
|
من خير أديان البريّة دينا |
لولا الملامة أو حذار مسبّة |
|
لوجدتني سمحا بذاك يقينا (١) |
فأنزل الله تعالى : (وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ) وينهون الناس عن أذى رسول الله صلىاللهعليهوسلم (وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ) أي يتباعدون عمّا جاء به من الهدى ، فلا يصدّقونه.
وقال السّدّيّ والضحّاك : (نزلت الآية في جميع كفّار مكّة) يعني وهم ينهون الناس عن اتّباع محمّد صلىاللهعليهوسلم والإيمان ؛ ويبعدون أنفسهم عنه. (وَإِنْ يُهْلِكُونَ ؛) بذلك ؛ (إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَما يَشْعُرُونَ) (٢٦) ؛ وما يعلمون أنّهم يهلكون أنفسهم.
قوله عزوجل : (وَلَوْ تَرى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقالُوا يا لَيْتَنا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ بِآياتِ رَبِّنا ؛) أي ولو ترى يا محمّد كفار قريش إذ حبسوا على النّار ؛ إذ عاينوها ودخلوها وعرفوا عذابها ؛ فقالوا يا ليتنا نردّ ولا نكذّب بآيات ربنا ؛ تمنّوا الرجعة إلى الدّنيا.
وقرأ ابن السميقع : (وقفوا) فبفتح الواو والقاف من الوقوف. والقراءة الأولى من الوقف ، وجواب (لا) محذوف وتقديره : ولو تراهم في تلك الحالة لرأيت عجبا ، وقيل : لعلمت ماذا ينزل بهم من الخزي والندامة ، ورأيت حسرة يا لها من حسرة.
قوله تعالى : (وَلا نُكَذِّبَ بِآياتِ رَبِّنا) (وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) (٢٧) ؛ قرأ حمزة ويعقوب وحفص : (ولا نكذّب) (ونكون) بالنصب على جواب التّمنّي ، والعرب تنصب جواب التمني بالواو كما تنصبه بالفاء ، كما قالوا : يا ليتك تصير إلينا ونكرمك ، أو فنكرمك فكلاهما بالنصب.
وقرأ ابن عامر (ولا نكذّب) بالرفع (ونكون) بالنصب ؛ لأنّهم تمنّوا الردّ وأن يكونوا مؤمنين وأخبروا أنّهم لا يكذبون بآيات ربهم وإن ردّوا إلى الدنيا. ومعناه : يا
__________________
(١) ذكره الواحدي في أسباب النزول : ص ١٤٤ عن ابن عباس مع اختلاف في بعض الألفاظ ، وذكره القرطبي في الجامع لأحكام القرآن : ج ٦ ص ٤٠٦.