وقوله تعالى : (حُلِيِّهِمْ) قرأ يعقوب بفتح الحاء وجزم اللام ، وقرأ حمزة والكسائي (حليّهم) بكسر الحاء واللام وتشديد الياء أتبعا الحاء كسرة اللام ، وقرأ الباقون بضمّ الحاء وكسر اللام وتشديد الياء وهما لغتان.
قوله تعالى : (أَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُ لا يُكَلِّمُهُمْ وَلا يَهْدِيهِمْ سَبِيلاً ؛) معناه : ألم ينظروا إلى العجل لا يكلّمهم بما يجري عليهم نفعا ويدفع عنهم ضرّا ، ولا يرشدهم طريقا إلى خير ليأتوه ولا الى شرّ لينتهوا عنه ، ولو كان إلها لهداهم ؛ لأنّ الإله لا يهمل عباده. قوله تعالى : (اتَّخَذُوهُ وَكانُوا ظالِمِينَ) (١٤٨) ؛ يجوز أن يكون معناه : لا يرشدهم الطريق الذي يتّخذونه ، ويجوز أن يكون ابتداء على معنى : عبدوه وكانوا بعبادتهم إياه ظالمين.
قوله تعالى : (وَلَمَّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ وَرَأَوْا أَنَّهُمْ قَدْ ضَلُّوا ؛) أي ندموا على عبادتهم العجل ، ورأوا أنّهم قد ضلّوا عن الحقّ ، (قالُوا لَئِنْ لَمْ يَرْحَمْنا رَبُّنا وَيَغْفِرْ لَنا ؛) عملنا ؛ (لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ) (١٤٩) ؛ بالعقوبة. قال الزجاج : (يقال للنّادم على ما فعل المتحسّر على ما فرّط منه : قد سقط فلان في يده ، وأسقط بمعنى سقط النّدم في أيديهم).
قوله تعالى : (وَلَمَّا رَجَعَ مُوسى إِلى قَوْمِهِ غَضْبانَ أَسِفاً) أي رجع موسى من الجبل إلى قومه شديد الغضب حزينا ، (قالَ بِئْسَما خَلَفْتُمُونِي مِنْ بَعْدِي ؛) فعلتم خلفي في غيبتي بعبادة العجل ، (أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ ؛) معناه : أستبطأتم وعد ربكم الذي وعد في أربعين ليلة ، (وَأَلْقَى الْأَلْواحَ ؛) من يده التي كانت فيها التوراة وألقاها من يده ، (وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ ؛) قال ابن عبّاس : (أخذ رأسه بيده اليمنى ولحيته بيده اليسرى) (١).
قوله تعالى : (قالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكادُوا يَقْتُلُونَنِي ؛) أي قهروني واستذلّوني وهمّوا بقتلي ، وكان هارون أخاه لأبيه وأمّه ولكنّه قال (ابْنَ أُمَّ) لترفّقه عليه ، وعلى هذه طريقة العرب.
__________________
(١) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (١١٧٤٨ و ١١٧٤٩).