(إِنَّ هؤُلاءِ مُتَبَّرٌ ما هُمْ فِيهِ ؛) أي مهلك ما هم فيه ؛ (وَبَطَلَ ؛) وضلال ؛ (ما كانُوا يَعْمَلُونَ) (١٣٩) ، والتّبار : هو الهلاك.
قوله تعالى : (قالَ أَغَيْرَ اللهِ أَبْغِيكُمْ إِلهاً ؛) أي قال لهم : أسوى الله أطلب لكم ربّا تعبدونه ، (وَهُوَ فَضَّلَكُمْ عَلَى الْعالَمِينَ) (١٤٠) ؛ عالمي زمانكم من القبط وغيرهم بعد ما كنتم مستعبدين أذلّاء.
قوله تعالى : (وَإِذْ أَنْجَيْناكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذابِ) أي يولّونكم سوء العذاب (يُقَتِّلُونَ أَبْناءَكُمْ ؛) أي يذبحونهم ، (وَيَسْتَحْيُونَ نِساءَكُمْ ؛) أي يستبقونهم للاستخدام ، (وَفِي ذلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ) (١٤١) ؛ قرأ حمزة والكسائي : (يعكفون) بكسر الكاف والباقون بضمّها وهما لغتان. وقرأ أهل الشّام (وإذ أنجاكم من آل فرعون). وقرأ الباقون على التكثير (أنجيناكم). وقوله تعالى : (يُقَتِّلُونَ أَبْناءَكُمْ) قرأ نافع بالتخفيف ، وقرأ الباقون بالتشديد على التّكثير.
وقوله تعالى : (وَواعَدْنا مُوسى ثَلاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْناها بِعَشْرٍ ؛) قال مجاهد : (كان الله وعد موسى أن يعطيه التّوراة لثلاثين ليلة ؛ يعني ذا القعدة وعشرا من ذي الحجّة ، كأنّه قال شهرا وعشرة أيّام) (١).
وقال بعضهم : أمر الله موسى إلى موضع بيّنه له أن يعبده في ذلك الموضع ثلاثين يوما ، يصوم النهار ويقوم الليل ؛ لينزل عليه التوراة ، فلمّا صام ثلاثين أنكر خلوف فمه ، فاستاك بعود خرنوب ، فقالت الملائكة : كنا نستنشق منك رائحة المسك فأفسدته بالسّواك ، فأمره الله أن يصوم عشرا بعد ذلك الخلوف ، فذلك قوله (وَأَتْمَمْناها بِعَشْرٍ.) وقوله تعالى : (فَتَمَّ مِيقاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ؛) أي تمّ الوقت الذي أمر الله بالعبادة فيه أربعين ليلة.
قوله تعالى : (وَقالَ مُوسى لِأَخِيهِ هارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي ؛) أي قال موسى لهارون قبل انطلاقه إلى الجبل الذي أمر بالعبادة فيه : قم مقامي في قومي ،
__________________
(١) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (١١٦٩٦) بأسانيد ، والأثر (١١٦٩٨) وفيه قال ابن جريج : قال ابن عباس مثله.