قوله عزوجل : (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِآياتِهِ ؛) معناه : أيّ أحد أظلم في فاحشة أتاها ممّن اختلق على الله كذبا بإضافته إلى الله ما لم يضفه إلى نفسه من صفة أو أمر وقول ، وهم الذين إذا فعلوا فاحشة قالوا : وجدنا عليها آباءنا والله أمرنا بها ؛ قل : إنّ الله لا يأمر بالفحشاء. قوله تعالى : (أَوْ كَذَّبَ بِآياتِهِ) أي بدلائله ؛ (إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ) (٢١) ؛ أي لا يؤمن من عذاب الله ولا يصل إلى مراده ؛ وبغيته القوم الكافرون.
قوله تعالى : (وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً) ؛ أي واذكروا يوم نبعث الكفّار وآلهتهم جميعا للحساب والجزاء. وقال بعضهم : الواو عاطفة على قوله : (لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ) كأنّه قال : لا يفلحون في الدّنيا ويوم نحشرهم. والحشر : جمع النّاس إلى موضع معلوم.
قوله تعالى : (ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا) ؛ معناه : ثمّ نقول للّذين أشركوا بالله غيره : (أَيْنَ شُرَكاؤُكُمُ ؛) آلهتكم ؛ (الَّذِينَ كُنْتُمْ) ؛ التي كنتم تعبدون من دون الله ؛ و؛ (تَزْعُمُونَ) (٢٢) ، أنّهم شركاء الله وشفعاؤكم.
قوله تعالى : (ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قالُوا وَاللهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ) (٢٣) ؛ أي ثمّ لم تكن معذرتهم يوم القيامة إلا مقالتهم : (وَاللهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ) في دار الدّنيا. وإنّما سميت المعذرة فتنة ؛ لأنّها عين الفتنة.
ومن قرأ (فتنتهم) بالنصب فعلى خبر (لَمْ تَكُنْ) واسمها (أَنْ قالُوا). ومن قرأ (ربّنا) بالنصب فمعناه النداء. وقراءة حفص على البدل ، ويجوز الرفع على إضمار (هو). وقيل : المراد بالفتنة محبّتهم للأوثان التي كانوا مفتتنين بها في الدّنيا ، فأعلم الله تعالى أنه لم يكن افتتانهم بشركهم وإقامتهم عليه ، إلا أن تبرّأوا منه وانتهوا عنه ، فحلفوا أنّهم ما كانوا مشركين.
قوله تعالى : (انْظُرْ كَيْفَ كَذَبُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ ؛) أي انظر يا محمّد كيف صار وبال الكذب عليهم؟ (وَضَلَّ عَنْهُمْ ؛) أي عزب عنهم افتراؤهم بما لحقهم من الدّهول والدّهش ، قال الضحّاك : (وذلك حين نطقت الجوارح ، وشهدت عليهم