قوله تعالى : (وَقالُوا قَدْ مَسَّ آباءَنَا الضَّرَّاءُ وَالسَّرَّاءُ ؛) أي قالوا : هكذا عادة الزّمان ؛ أي يسيء تارة ويحسن أخرى ، وهكذا كانت عادته مع آبائنا. فثبتوا على دينهم ولم يقيلوا عنه ، فاثبتوا أنتم على دينكم ولا تقيلوا عنه ، يقول الله تعالى : (فَأَخَذْناهُمْ بَغْتَةً ؛) أي أخذناهم بالعذاب فجأة ، (وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) (٩٥) أي من حيث لا يشعرون بالعذاب. والمعنى : أخذناهم بالعذاب وهم في أمن وهم لا يشعرون بنزوله.
قوله تعالى : (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ ؛) معناه : لو أنّ أهل القرى الذين أهلكناهم بتكذيبهم الرسل قالوا : آمنّا بالله وبالرّسل واتّقوا الشّرك والمعاصي لفتحنا عليهم بركات نامية من السّماء وهي المطر ؛ ومن الأرض وهي النبات والثّمار ، (وَلكِنْ كَذَّبُوا ؛) الرسل ؛ (فَأَخَذْناهُمْ ؛) بالعذاب ؛ (بِما كانُوا يَكْسِبُونَ) (٩٦) ؛ من المعاصي.
وفي الآية دلالة أنّ الكفاية والسّعة في الرّزق من سعادة المرء ؛ أي إذا كان شاكرا. والمراد بقوله : (لَجَعَلْنا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِنْ فِضَّةٍ)(١) الكثرة التي تكون وبالا على من لا يشكر الله تعالى.
قوله تعالى : (أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنا بَياتاً وَهُمْ نائِمُونَ) (٩٧) معناه : أفأمن أهل القرى المكذّبة لك يا محمّد أن ينزل بهم عذابنا ليلا وهم نائمون في فرشهم ومنازلهم ، لا يشعرون بالعذاب لغفلتهم.
قوله تعالى : (أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ) (٩٨) معناه : أو أمن أهل القرى المكذّبة لك أن يأتيهم عذابنا نهارا وهم مشغولون بلهوهم ولعبهم. والضّحى : صدر النّهار عند ارتفاع الشّمس.
قوله تعالى : (أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللهِ ؛) معناه : أبعد هذا كلّه أمنوا عذاب الله لهم من حيث لا يعلمون. وإنّما سمّي العذاب مكرا على جهة الاتّساع والمجاز ؛
__________________
(١) الزخرف / ٣٣.