والأمر الّذي اختلفوا فيه ، فيدخلون إخوانا متقابلين).
قال : (فأوّل ما يدخلون الجنّة تعرض لهم عينان تجريان ، فيشربون من أحد العينين ، فيذهب الهمّ من غلّ ، ثمّ يدخلون العين الأخرى ، فيغتسلون فيها فتشرق ألوانهم ، وتصقل وجوههم ، ويلبسون بهاء النّور ، ويطيّب الله ريحهم به) (١).
(وَقالُوا ؛) فعند ذلك يقولون : (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدانا لِهذا ؛) أي أرشدنا إلى ما صرنا به ربّنا واغتسلنا من العينين. قوله تعالى : (وَما كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْ لا أَنْ هَدانَا اللهُ ؛) قرأ ابن عامر : (ما كنّا) بغير واو. وقرأ الباقون بالواو : (وما كنّا لنهتدي إلى هذا الذي أكرمنا الله به لو لا أنّ الله هدانا إليه) وقال صلىاللهعليهوسلم : [كلّ أهل النّار يرى منزله في الجنّة فيقولون : لو لا هدانا الله ، فتكون عليهم حسرة. وكلّ أهل الجنّة يرى منزله في النّار فيقولون : لو لا أنّ الله هدانا](٢).
قوله تعالى : (لَقَدْ جاءَتْ رُسُلُ رَبِّنا بِالْحَقِّ ؛) شهادة منهم بإرساله للحقّ إليهم ؛ أي جاءوا بالصّدق ؛ فصدّقناهم. قوله تعالى : (وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوها بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (٤٣) ؛ معناه : نادتهم الملائكة : أنّ هذه الجنّة التي وعدتموها في الدّنيا بأعمالكم. وقيل : معنى (أورثتموها) أنزلتموها. وفي الخبر : أنه يقال لهم يوم القيامة : جوزوا الصّراط بعفوي ؛ وادخلوا الجنّة برحمتي لا بأعمالكم.
قوله تعالى : (وَنادى أَصْحابُ الْجَنَّةِ أَصْحابَ النَّارِ أَنْ قَدْ وَجَدْنا ما وَعَدَنا رَبُّنا حَقًّا فَهَلْ وَجَدْتُمْ ما وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قالُوا نَعَمْ ؛) وذلك حين يستقرّ أهل الجنّة في الجنّة ؛ وأهل النّار في النار ؛ ينادي أصحاب الجنّة أصحاب النار : أن قد وجدنا ما وعدنا ربّنا من الثّواب والكرامة حقّا ، فهل وجدتم ما وعد ربّكم من العذاب حقّا؟ قالوا نعم ، فاعترفوا في وقت لا ينفعهم الاعتراف. وفي (نعم) قراءتان ؛ قراءة الكسائيّ : (نعم) بكسر العين في القرآن ، وقرأ الباقون بالفتح ؛ وهما لغتان.
__________________
(١) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (١١٣٨٠) عن السدي.
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (١١٣٨٢) عن أبي سعيد.