وعن أنس رضي الله عنه عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم ؛ أنّه قرّب كبشا أملح أقرن ؛ فقال : [لا إله إلّا الله ؛ والله أكبر ؛ إنّ صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين ، لا شريك له] الآية ، ثمّ ذبح فقال : [شعره وصوفه فداء لشعري من النّار ، وجلده فداء لجلدي من النّار ، وعروقه فداء لعروقي من النّار] فقالوا : يا رسول الله ؛ هنيئا مريئا ؛ هذا لك خاصّة؟ فقال : [لا ؛ بل لأمّتي عامّة إلى أن تقوم السّاعة ، أخبرني بذلك جبريل عليهالسلام عن ربي عزوجل].
قوله عزوجل : (قُلْ أَغَيْرَ اللهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ ؛) أي قل يا محمّد : أغير الله أطلب إلها لي ولكم (وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ) أي هو مالكي ومالككم ومالك كلّ شيء ؛ فكيف أطلب النفع من مربوب مثلي ومثلكم ، وأدع سؤال ربي يملكني ويملككم ؛ فهل يجوز هذا؟ وهل يحسن هذا؟ لا بدّ أن يكون جوابه : لا.
قوله تعالى : (وَلا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْها ؛) أي لا تعمل كلّ نفس طاعة ولا معصية إلّا عليها. قال أهل الإشارة : ولا تكسب كلّ نفس من خير أو شرّ إلّا عليها ، أما الشّرّ فهو مأخوذ به ، وأمّا الخير فهو مطلوب منه صحّة قصده وخلوّه من الرّياء والعجب والافتخار به.
قوله تعالى : (وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى ؛) أي ما تحمل حاملة ثقل أخرى ، والمعنى : لا يحمل أحدا ذنب غيره ، بل كلّ نفس مأخوذة بجرمها وعقوبة إثمها. والوزر في اللغة : هو الثّقل. قوله تعالى : (ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ ؛) أي مصيركم ومنقلبكم ، (فَيُنَبِّئُكُمْ ؛) أي فيجزيكم ؛ (بِما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ) (١٦٤) ؛ في دار الدّنيا.
قوله تعالى : (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الْأَرْضِ ؛) أي جعلكم يا أمّة محمّد خلفا في الأرض ، والخلائف : جمع الخليفة ، وكلّ قرن خليفة للقرن الذين كانوا قبلهم في الأرض. وقوله تعالى : (وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ ؛) أي فضّل بعضكم في المال والمعاش والجاه ؛ تقديره : إلى درجات ، ثم حذف (إلى) وانتصب (درجات). ويقال : إنّ الدرجات مفعول على تقدير : ورفعكم درجات ، كما يقال : كسوت فلانا ثوبا.