بالتشديد. وتصديق التشديد : (ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ)(١)(وَذلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ)(٢). والقيّم : المستقيم. واختلف النّحاة في نصبه ؛ فقال الأخفش : (هداني دينا قيّما). وقيل : عرّفني دينا. وقيل : أعني دينا. وقيل : انتصب على الإغراء ؛ أي التزموا دينا واتّبعوا دينا.
قوله تعالى : (مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً ؛) أي دين إبراهيم ؛ وهو بدل من قوله (دينا). وقوله (حَنِيفاً) أي مائلا عن الشّرك وجميع الأديان الباطلة ميلا لا رجوع فيه ، وهو نصب على الحال ؛ كأنه قال : عرّفني دين إبراهيم في حال حنيفيّته. وقوله تعالى : (وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) (١٦١) ؛ أي ما كان إبراهيم عليهالسلام على دين المشركين. وإنّما أضاف هذا الدين إلى إبراهيم ؛ لأن إبراهيم كان معظّما في عيون العرب ، وفي قلوب سائر أهل الأديان ؛ إذ أهل كلّ دين يزعمون أنّهم يبجّلون دين إبراهيم عليهالسلام.
قوله تعالى : (قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيايَ وَمَماتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) (١٦٢) ؛ أي قل لهم يا محمّد : إنّ صلاتي بعد الصّلوات الخمس المفروضة ؛ (ونسكي) أي طاعتي ، وأصل النّسك : كلّ ما يتقرّب به إلى الله تعالى ، ومنه قولهم للعابد : ناسك. وقال ابن جبير : (معناه : (وَنُسُكِي) في الحجّ والعمرة لله رب العالمين). ويقال : أراد بالصلاة صلاة العيد ، وبالنّسك الأضحية.
وقوله تعالى : (وَمَحْيايَ وَمَماتِي) أي وحياتي وموتي لله رب الخلائق كلّهم. وإنّما أضاف المحيا والممات إلى الله وإن لم يكن ذلك ممّا يتقرّب به إليه ؛ لأن الغرض بالآية التّبرّئ إلى الله تعالى من كلّ حول وقوّة والإقرار له بالعبوديّة. وقيل : المراد بذلك أنّ الله تعالى هو المختصّ بأن يحييه ويميته ؛ لا شريك له في ذلك.
قوله تعالى : (لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذلِكَ أُمِرْتُ ؛) أي أمرني بذلك ، (وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ) (١٦٣) ؛ أي أوّل من استقام على الإيمان من أهل هذا الزمان. قرأ أهل المدينة : (ومحياي) بسكون الياء. وقرأ الباقون بفتحها كيلا يجتمع ساكنان. وقرأ السلميّ : (ونسكي) بإسكان السّين.
__________________
(١) التوبة / ٣٦.
(٢) البينة / ٥.