الذي يرينا عيسى ، (إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ) (١١٠) ؛ سحر ظاهر. ومن قرأ (ساحر مبينّ) أراد به عيسى عليهالسلام.
قوله عزوجل : (وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوارِيِّينَ أَنْ آمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي) ؛ معناه : وإذ ألهمت الحواريّين وهم خواصّ عيسى ، وألقيت في قلوبهم : أن صدّقوا بتوحيدي وبرسولي ، (قالُوا آمَنَّا) ؛ وصدّقنا ، (وَاشْهَدْ) ؛ يا عيسى ، (بِأَنَّنا مُسْلِمُونَ) (١١١) ؛ أي مخلصون بالعبادة والتوحيد.
قوله عزوجل : (إِذْ قالَ الْحَوارِيُّونَ يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنا مائِدَةً مِنَ السَّماءِ قالَ اتَّقُوا اللهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) (١١٢) ؛ كأنه قال : اذكر نعمتي عليك إذ قال الحواريّون.
وقوله تعالى : (هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ). قرأ الكسائيّ (هل تستطيع ربّك) بالتاء بإدغام ونصب الباء من ربّك ، أي هل تقدر أن تسأل ربّك؟.
وقد روي عن عائشة رضي الله عنها أنّها قالت : (كان الحواريّون أعلم بالله من أن يقولوا : هل يستطيع ربّك؟) (١) وفيه ثلاثة أقوال :
أحدهم : أنّ هذا السؤال كان في ابتداء أمرهم قبل أن تستحكم معرفتهم بالله تعالى ولذلك أنكر عليهم عيسى عليهالسلام فقال : (اتَّقُوا اللهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) لأنه لم يستكمل إيمانهم في ذلك الوقت.
والقول الثاني : أنّ معناه : هل يفعل ذلك كما يقول الرجل لآخر : هل تستطيع أن تقوم معي في أمر كذا؟ أي هل أنت فاعله؟
والقول الثالث : أنّ معناه : هل يستجيب لك ربّك؟ وهل يطيعك إن سألته؟ كما تقول : استجاب بمعنى أجاب.
والحواريّون : خواصّ أصحاب عيسى عليهالسلام. قال الحسن : (كانوا قصّارين) وقال مجاهد : (كانوا صيّادين) وقيل : كانوا ملّاحين. وقال قتادة : (الحواريّون : الوزراء) وقال عكرمة : (هم الأصفياء) وكانوا اثنى عشر رجلا.
__________________
(١) أخرجه الطبري في جامع البيان : النص (١٠١١٧).