قوله تعالى : (تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً) ؛ أي تكلّم الناس في حجر أمّك في حال صغرك ، وتخاطبهم كهلا بعد ثلاثين سنة ، على صفة واحدة واحدا واحدا ، وذلك من أعظم الآيات.
ويقال : أراد بالمهد الذي يربّى فيه الطفل حين قال لهم وهو في المهد : (إِنِّي عَبْدُ اللهِ آتانِيَ الْكِتابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا)(١). قال الكلبيّ : (مكث في رسالته بعد ثلاثين سنة ثلاثين شهرا ، ثمّ رفعه الله إليه) ، وقيل : ثلاث سنين ، ثم رفع إلى السّماء وهو ابن ثلاث وثلاثين سنة.
قوله تعالى : (وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ) ؛ أي علّمتك كتب الأنبياء قبلك والفهم ، ويقال : أراد بالكتاب الخطّ بالقلم ، وأراد بالحكمة كلّ صواب منهنّ من قول أو فعل.
قوله تعالى : (وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي) ؛ معناه : إذ تصوّر من الطين كشبه الخفّاش بأمري ، (فَتَنْفُخُ فِيها) ؛ أي في الهيئة ، (فَتَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِي) ؛ يطير بين السّماء والأرض بأمر الله ، ويكون النفخ كنفخ الرّاقي.
قوله تعالى : (وَتُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ بِإِذْنِي) ؛ الأكمه : الذي ولد أعمى ، والأبرص : الذي لا تعالجه الأطبّاء ، وهو الذي إذا غرز الإبرة لا يخرج منه الدّم.
قوله تعالى : (وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتى بِإِذْنِي) ؛ أي الموتى تخرجهم من قبورهم أحياء بإرادتي ، والمراد بالإذن أنّ الله تعالى كان يأذن له في المسألة والدّعاء ، فيقع ذلك عن الله.
قوله تعالى : (وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرائِيلَ عَنْكَ) ؛ معناه وإذ صنعت (صرفت) أولاد يعقوب عنك حين همّوا بقتلك ، (إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَيِّناتِ) ؛ أي بالمعجزات الدالّة على رسالتك ، (فَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ إِنْ هذا) ؛ أي ما هذا
__________________
(١) مريم / ٣٠.