الكفّارات. وإن شاء صام مكان كلّ صاع من برّ نصف يوم ، وإن لم يبلغ قيمة الصّيد إطعام مسكين ، صام يوما كاملا إذا اختار الصّوم ؛ لأنّ الصّوم ممّا لا تبعيض فيه).
وقال محمد والشافعيّ : (إن كان للصّيد المقتول مثل من النّعم من جهة الخلقة ، كان على القاتل النّظير في الخلقة ؛ فيجب عليه في النّعامة بدنة ؛ وفي بقر الوحش بقرة ؛ وفي الظّبي شاة ؛ وفي الغزال عنز ؛ وفي الأرنب عناق ؛ وفي اليربوع جفرة. وإن لم يكن للصّيد مثل من جهة الخلقة ، كان عليه قيمته). وعن محمّد الخيار في هذا إلى الحكمين دون التعيين ، وهو قول مالك (١).
قوله تعالى : (يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ) أي يحكم بالجزاء فقيهان عدلان ينظران إلى أشبه الأشياء به ، فيحكمان به.
وروي عن قبيصة بن جابر قال : (خرجنا حجّاجا ، وكنّا إذا صلّينا الغداة أوقدنا نارا ، وأحلنا بشيء ونتحدّث ، فبينما نحن ذات يوم إذ سنح لنا ظبي ، فابتدرته ورميته بحجر فأصبت حشاه ، فوكب درعه فمات ، فلمّا قدمنا مكّة سألنا عمر رضي الله عنه وكان حاجّا ، وكان عبد الرّحمن بن عوف جالسا عنده ، فسألته عن ذلك فقال لعبد الرّحمن : ما ترى؟ قال : عليه شاة ، قال : وأنا أرى ذلك ، قال : فاذهب فاهد شاة. قال : فخرجت إلى صاحبي فقلت : إنّ أمير المؤمنين لم يدر ما يقول حتّى سأل غيره ، قال : فلم يفجأنا إلّا عمر ومعه الدّرّة ، فعلاني بالدّرّة ، قال : أتقتل في الحرم وتغمض الفتوى؟! قال الله تعالى : (يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ) فأنا عمر ، وهذا عبد الرّحمن) (٢).
قوله تعالى : (أَوْ كَفَّارَةٌ طَعامُ مَساكِينَ) ؛ فيه قراءتان ؛ أحدهما : الرفع والتنوين في (كَفَّارَةٌ) ، والرفع في (طَعامُ) من غير تنوين. والأخرى : الرفع في (كفّارة) بغير تنوين ، والخفض في (طعام) على الإضافة.
__________________
(١) في معالم التنزيل : ص ٣٩٨ ؛ قال البغوي : (قال مالك : إن لم يخرج المثل يقوّم الصيد ثم يجعل القيمة طعاما فيتصدق به ، أو يصوم).
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان : النص (٩٨٠٨) وما بعده. وفي الدر المنثور : ج ٣ ص ١٩١ ؛ قال السيوطي : «أخرجه ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه ...» وذكره.