قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ) (٦٧) ؛ أي لا يرشدهم إلى دينه وحجّته ، ولا يهديهم إلى طريق الجنة في الآخرة.
قوله تعالى : (قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ لَسْتُمْ عَلى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ وَما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ) ؛ أي لستم على شيء من الدّين والثواب إلّا أن تقرّوا بما في التوراة والإنجيل من نعت محمّد صلىاللهعليهوسلم ومبعثه ونبوّته وسائر الأحكام التي فيها ، وتقرّوا بالقرآن الذي أنزل على كافّة الناس من ربهم.
قوله تعالى : (وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْياناً وَكُفْراً) ؛ قد ذكرنا تفسيره ، (فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ) (٦٨) ؛ أي ليس عليك إلّا تبليغ الرسالة فلا تحزن عليهم إن كذبوك ؛ أي لا تحزن على هلاكهم إذا أهلكناهم.
قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصارى مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صالِحاً فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) (٦٩) ؛ معنى الآية : إنّ الذين آمنوا بألسنتهم ولم تؤمن قلوبهم ، والذين مالوا عن الإسلام وسمّوا باليهوديّة ، والذين صبت قلوبهم ، وهم صنف من النصارى يقال لهم السّابحون يحلقون أوساط رؤوسهم.
ويقال : الصّابئ هو الخارج من ملّة فيها أمة عظيمة إلى ملّة فيها شرذمة قليلة.
قوله تعالى : (مَنْ آمَنَ بِاللهِ) أي من آمن من هذه الفرق بالله وبجميع ما أنزل الله ، والبعث بعد الموت ، وعمل صالحا فيما بينه وبين الله ، فلا خوف عليهم ، حيث يخاف أهل النار ، ولا هم يحزنون حيث يحزن أهل النار.
وأما الرفع في قوله : (وَالصَّابِئُونَ): قال الكسائيّ : هو نسق على المضمر في (هادُوا) تقديره : هادوهم والصابئون. وقال الخليل وسيبويه والبصريّون قوله : وَالَّذِينَ هادُوا وَالصَّابِئُونَ) مرفوع بالابتداء ؛ تقديره : إنّ الذين آمنوا ومن آمن من الذين هادوا والصابئون والنصارى ، من آمن بالله واليوم الآخر. وقيل : إنما رفع لأنه عطف على (الذين) قبل دخول (إن) ؛ لأنه لا يحدث معنى ، كما تقول : زيد قائم ، وإنّ زيدا قائم معناهما واحد. وقرأ الحسن : (إنّ الله وملائكته) برفع التاء.