(وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ) ؛ وأكل الرّشوة والحرام في تغيير لأحكام ، (لَبِئْسَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) (٦٢) ؛ من المعصية ومجاوزة الحدّ.
قوله سبحانه وتعالى : (لَوْ لا يَنْهاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ ما كانُوا يَصْنَعُونَ) (٦٣) ؛ معناه : هل ينهاهم العاملون بالعلم والعلماء الذين هم دونهم عن قول الشّرك والكذب على الله ، وأكل الحرام والرّشوة في الحكم. قال الحسن : (الرّبّانيّون علماء النّصارى ، والأحبار علماء اليهود). ويقال : هو كلّه في اليهود ، وقرأ أبو واقد الليثي : (لو لا ينهاهم الرّبّيّون) كقوله تعالى : (وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ)(١).
وقوله : (لَبِئْسَ ما كانُوا يَصْنَعُونَ) أي بئس ما يصنع علماؤهم من كتمانهم الحقّ ، وتركهم النهي عن المعصية. قال ابن عبّاس رضي الله عنهما والضحاك : (إنّ هذه الآية أشدّ الآيات في تخويف من ترك الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر) (٢) ، قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : [ما من رجل يجاور قوما فيعمل بالمعاصي بين أظهرهم ، فلا يأخذون على يديه ، إلّا أوشك أنّ الله تعالى يعمّهم منه بعقاب](٣).
قوله عزوجل : (وَقالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِما قالُوا) قال ابن عبّاس : (نزلت هذه الآية في فنحاص بن عازوراء اليهوديّ وأصحابه ، كان الله تعالى قد بسط لهم في الرّزق ، فكان من أخصب النّاس ، وأكثرهم خيرا وأموالا ،
__________________
(١) آل عمران / ١٤٦.
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان : النص (٩٥٤٦) عن الضحاك بن مزاحم ، والنص (٩٥٤٧) عن ابن عباس.
(٣) أخرجه الطبراني في المعجم الكبير : ج ٢ ص ٣٣٢ : الحديث (٢٣٨٤ بهذا اللفظ ، وبألفاظ أخرى في الرقم (٢٣٨٠ ـ ٢٣٨٥). وأخرج طرقه وألفاظ الأئمة ؛ الإمام أحمد في المسند : ج ٤ ص ٣٦١ و٣٦٣ و٣٦٤ و٣٦٦. وأبو داود في السنن : كتاب الملاحم : باب الأمر والنهي : الحديث (٤٣٣٩). وابن ماجة في السنن : في الفتن : باب الأمر بالمعروف : الحديث (٤٠٠٩) من طريق عبد الله بن جرير عن أبيه ، وإسناده حسن. وأخرجه الطبراني من طريق عبد الله بن مسعود في المعجم الكبير : ج ١٠ ص ٢١٥ : الحديث (١٠٥١٢) ، وفي المعجم الأوسط : ج ٤ ص ٤٧٠ : الحديث (٣٠٦١). وفي مجمع الزوائد : ج ٧ ص ٢٦٨ ؛ قال الهيثمي : «رواه الطبراني في الكبير والأوسط ، وفيه عبد العزيز بن عبيد الله ، وهو ضعيف».