وقرأ يزيد الأسلمي : (وعابد الطّاغوت) بالألف ، وقرأ ابن عباس : (وعبيد الطّاغوت) بالجمع ، وقرأ أبو واقد الليثيّ : (وعبّاد الطّاغوت) مثل كفّار ، وقرأ عون العقيلي وإبان بن ثعلب : (وعبّد الطّاغوت) مثل راكع وركّع ، وقرأ عبيد بن عمير : (أعبد الطّاغوت) مثل كلب وأكلب ، وقرأ الأعمش : (وعبد الطّاغوت) بضمّ العين والباء وكسر التاء من الطاغوت (١). قال الشاعر :
انسب العبد إلى آبائه |
|
أسود الجلد من قوم عبد |
قوله سبحانه وتعالى : (أُولئِكَ شَرٌّ مَكاناً وَأَضَلُّ عَنْ سَواءِ السَّبِيلِ) (٦٠) فإن قيل : كيف معنى هذا ليس في الإيمان شرّ وضلال؟ قيل : سمة المشركين شرّ مكانا لا يوجب أن يكون في الإيمان شرّ وتطيّر. قوله سبحانه وتعالى : (أَصْحابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلاً)(٢) ومعلوم أنه لا خير في مستقرّ الكفّار ومنقلبهم ، فلمّا نزلت هذه الآية قال المسلمون ليهود : (يا إخوان القردة والخنازير) فسكتوا وأفحموا ، وفيهم يقول الشاعر :
فلعنة الله على اليهود |
|
إنّ اليهود إخوة القرود |
قوله عزوجل : (وَإِذا جاؤُكُمْ قالُوا آمَنَّا وَقَدْ دَخَلُوا بِالْكُفْرِ وَهُمْ قَدْ خَرَجُوا بِهِ) ؛ ومعناه : وإذا جاءكم المنافقون من أهل الكتاب قالوا آمنّا بك ، ونحن نعرف نعتك وصفتك ، يقول الله : وقد دخلوا بالكفر وهم قد خرجوا به ؛ أي دخلوا عليكم ، وخرجوا من عندكم كافرين في السرّ كما دخلوا خرجوا ، وقوله : (وَهُمْ) للصّلة والتأكيد ، (وَاللهُ أَعْلَمُ بِما كانُوا يَكْتُمُونَ) (٦١) ؛ أي بما كانوا يضمرون في قلوبهم من الكفر والنفاق ، فأعلمكم به وأطلعكم عليه.
قوله سبحانه وتعالى : (وَتَرى كَثِيراً مِنْهُمْ يُسارِعُونَ فِي الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ) ؛ أي وترى يا محمّد كثيرا من اليهود والمنافقين يبادرون في المعصية والاعتداء والظّلم ،
__________________
(١) في جامع البيان : تفسير الآية ؛ قال الطبري : «ذكر ذلك عن الأعمش ، وكأن من قرأ ذلك كذلك أراد جمع الجمع من العبد ، كأنه جمع العبد عبيدا ، ثم جمع العبيد عبدا ، مثل ثمار وثمر».
(٢) الفرقان / ٢٤.