أي شاهدا. وقال ابن جبير (١) وأبو عبيد والحسن : (أمينا) ، وهي رواية العوفي عن ابن عباس. وأمانة القرآن أنه أمين على ما قبله من الكتب وهي فيما أخبر به أهل الكتاب في كتبهم ، فإن كان ذلك في القرآن فصدّقوا وإلّا كذبوا. وقال الضحاك : (مهيمنا ؛ أي قاضيا). وقال عكرمة : (دالا). وقال ابن زيد : (مصدّقا). وقال الخليل : (رقيبا وحافظا).
ويقال : هيمن فلان على كذا إذا شاهده وحفظه. تقول العرب للطائر إذا طار ، وحوّل وكره ، ورفرف على فرخه صيانة له : هيمن الطّير يهيمن ، وكذلك يقال للطائر إذا أرخى جناحيه يسعهما بيضه وفرخه ورفرف على فرخه صيانة له (٢). ومنه قيل لله عزوجل : المهيمن ؛ أي الرقيب الرحيم.
قوله تعالى : (فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ) ؛ أي فاحكم في الزاني والزانية بالرّجم ، ويقال : احكم بين بني قريظة وبني النضير في الجراحات التي بينهم في التّسوية بين الفريقين ، (وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ) ؛ أي لا تتّبع مرادهم ، (عَمَّا جاءَكَ مِنَ الْحَقِّ).
قوله تعالى : (لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهاجاً) ؛ أي جعلنا لكلّ نبيّ منكم يا معشر الأنبياء فرائض وسننا ، والشّرعة والشّريعة : هو التخلّص إلى الجنّة كشريعة الأنهار والحياض في الدّنيا ، وهو التخلّص إلى الشرب والاستقامة ، وأصل الشّرعة من قولهم : شرع فلان يشرع شروعا إذا دخل في الأمر دخولا ظاهرا ، ويقال : الشّرعة والمنهاج كلاهما الطريق ، والطريق هاهنا الدّين ، وقد يعبّر عن الشيء الواحد بلفظين مختلفين تأكيدا للكلام.
وقال المبرّد : (الشّرعة : ابتداء الطّريق ، والمنهاج : الطّريق المستمرّ). ويقال : عنى المنهاج : الدلائل الواضحة التي يستدلّ بها على الفرائض من كتاب وسنّة ، وقيل : معناه : لكلّ جعلنا منكم سبيلا وسنّة. والمنهاج : الطريق المبين الواضح.
__________________
(١) أخرجه الطبري في جامع البيان : النص (٩٤٥٧).
(٢) هكذا في المخطوط أعاد كتابة العبارة ، وعلى ما يبدو لي أنّها مكررة في الموضع الأول من النص ، ومكانها الأخير.