القصاص ، وكذلك الذكر واللّسان).
وأما الأذن ؛ فمعناه : إذا استوفيت بالقطع ، وأما إذا قطع بعضها فلا قصاص فيها.
وأما السنّ ؛ فمعناه : القلع وكسر البعض ، لأن القلع يمكن استيفاؤه على المساواة ، ولا يجوز استيفاء اليمنى باليسرى ، ولا اليسرى باليمنى ، وإن تراضيا على ذلك لأنه لا مساواة بينهما.
وأمّا المساواة في النفس فلا يشترط ، ألا ترى أن الرجل يقتل بالمرأة ، فعلم أن التساوي من الرجل والمرأة في الأنفس غير معتبر في القصاص ، وفي الأطراف معتبر ، ولهذا لا يجزئ عندنا بين الرجل والمرأة في الأطراف قصاص ، ولا بين الحرّ والعبد لعدم التساوي بين الطرفين في البدل ، وكذلك بين العبد والعبد لا يمكن معرفة التساوي بين أطرافهما في البدل.
قوله تعالى : (وَالْجُرُوحَ قِصاصٌ) يعني التي لها حدّ معلوم مثل الموضحة ونحوها ، وأما ما ليس له حدّ معلوم لا يمكن مراعاة التساوي فيه ، ففيه الأرش دون القصاص.
قوله عزوجل : (وَقَفَّيْنا عَلى آثارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْراةِ) ؛ الآية أي اتّبعنا النبيين الذين ذكرناهم بعيسى عليهالسلام وجعلناه ممن يقفوهم ، يقال : قفوت أثر فلان ؛ إذا اتّبعته. وحقيقة التّقفية : الإتيان بالشيء في قفا غيره.
قوله : (مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ) نصب على الحال من عيسى ، كان مصدّقا بالكتاب الذي أنزل قبله وهو التوراة. قوله تعالى : (وَآتَيْناهُ الْإِنْجِيلَ فِيهِ هُدىً وَنُورٌ وَمُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ) ؛ أي أعطيناه الإنجيل فيه هدى من الضلالة ، وبيان الأحكام ، قوله تعالى : (فِيهِ هُدىً وَنُورٌ وَمُصَدِّقاً) نعت الإنجيل الذي أعطيناه ذلك كتابا ، أي وموافقا لما تقدّمه ، (مِنَ التَّوْراةِ وَهُدىً) ؛ أي بيانا لنعت النبيّ صلىاللهعليهوسلم وصفته ، (وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ) (٤٦) ؛ أي نهيا للذين يتّقون الفواحش والكبائر.