قوله عزوجل : (وَالنَّطِيحَةُ) ؛ هي التي تنطح حتى تموت ، وإذا تناطحت الحيوانات فقتل بعضها بعضا في النّطاح فهي حرام بالآية ، قال ابن عبّاس : (كان أهل الجاهليّة يخنقون الشّاة حتّى إذا ماتت أكلوها وكذلك الموقوذة) (١) ، قال قتادة : (كان أهل الجاهليّة يضربون الشّاة بالبعض حتّى إذا ماتت أكلوها) (٢) ، يقال منه : وقده يقده إذا ضربه حتى أشفا على الهلاك. قال الفرزدق :
شغّارة تقذ الفصيل برجلها |
|
فطّارة لقوادم الأبكار (٣) |
قوله تعالى : (النَّطِيحَةُ) إنّما دخلت الهاء فيها وإن كان الفعل بمعنى المفعول يسوّى فيه المذكّر والمؤنّث كقولهم : لحية دهين وعين كحيل وكفّ خضيب ؛ لأنّ النطيحة لم يتقدّمها اسم ، فلو أسقطت الهاء منها لم يدر أهي مذكّر أم مؤنث ، فنظير ذلك لو قيل : شاة نطيح لم تذكّر الهاء المذكّر الشاة (٤).
قوله تعالى : (وَما أَكَلَ السَّبُعُ) ، وقرأ ابن أبي زائدة : (وأكيلة السّبع). وقرأ الحسن وطلحة : (السّبع) بسكون الباء وهي لغة في السّبع ، ومعنى قوله تعالى : (وَما أَكَلَ السَّبُعُ) هو فريسته.
__________________
(١) أخرجه الطبري في جامع البيان : النص (٨٦٥٢).
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان : النص (٨٦٥٥).
(٣) الشغّارة : الناقة ترفع رجلها ضاربة الفصيل لتمنعه من الرضاع عند الحلب. يقال : شغر الكلب : إذا رفع رجله ليبول ، وهو منصوب على الذمّ. وتقذّ والوقذ : أشدّ الضرب. والموقوذة : التي أنهكت ضربا بالخشب حتى تموت.
والفطّارة : الحاذقة بحلب الفطر ، وهو الحلب بأطراف الأصابع ، والحلب بالسبّابة والوسطى ويستعين بطرف الإبهام. والفطر والفطر : خلاف الضبّ ؛ وضبّ الناقة يضبّها : جمع خلفيها في كفّه للحلب ، وهو الحلب بالكفّ كلها. وقيل : هذا هو الضّفّ. وقوادمها : أخلافها ، وهما القادمان ، وجمعه قوادم. والأبكار تحلب فطرا ؛ لأنه لا يستمكن أن يحلبها ضبّا لقصر الخلف لأنها صغار.
(٤) لكن ذكر الهاء ها هنا (النطيحة) ؛ لأن الهاء إنما تحذف من الفعيلة إذا كانت صفة لموصوف منطوق به ، فيقال : شاة نطيح وامرأة قتيل. فإن لم تذكر الموصوف فتقول : رأيت قتيلة بني فلان ، وهذه نطيحة الغنم ، وإلا لم يتميز أذكر أم أنثى. ينظر : الجامع لأحكام القرآن : ج ٦ ص ٤٩.