قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

التفسير الكبير [ ج ٢ ]

319/479
*

يستطيعون الرجوع ، قال : فيخاف المؤمنون حينئذ أن يطفأ نورهم ، فيقولون : ربّنا أتمم لنا نورنا ، واغفر لنا إنّك على كل شيء قدير.

قوله تعالى : (وَإِذا قامُوا إِلَى الصَّلاةِ) ؛ يعني المنافقين ؛ (قامُوا كُسالى) ؛ أي متثاقلين لا يريدون بها وجه الله تعالى ، (يُراؤُنَ النَّاسَ) ولا يريدون الصلاة إلّا مراءة للناس خوفا منهم ، (وَلا يَذْكُرُونَ اللهَ إِلَّا قَلِيلاً) (١٤٢) ؛ أي لا يصلّون لله إلّا قليلا رياء وسمعة ، ولو كانوا يريدون بذلك القليل وجه الله لكان كثيرا.

قوله تعالى : (مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذلِكَ) ؛ نصب على الذمّ ؛ ومعناه : متردّدين بين كفر السّرّ وإيمان العلانية ، ليسوا من المؤمنين فيجب لهم ما يجب للمسلمين ؛ وليسوا من الكفّار فيجب عليهم ما يجب على الكفّار. وقيل : معناه : متحيّرين بين الكفر والإيمان ، (لا إِلى هؤُلاءِ وَلا إِلى هؤُلاءِ) ؛ أي ليسوا من المؤمنين فيجب عليهم ما يجب عليهم ، وليسوا من الكفّار فيؤخذ منهم ما يؤخذ من الكفّار ؛ أي ما هم بمؤمنين مخلصين ، ولا مشركين مصرّحين بالشّرك.

وكان صلى‌الله‌عليه‌وسلم يضرب مثلا للمؤمنين والمنافقين والكافرين كمثل ثلاثة دفعوا إلى نهر ؛ فقطعه المؤمن ؛ ووقف الكافر ؛ ونزل فيه المنافق ، حتّى إذا توسّطه عجز ؛ فناداه الكافر : هلمّ إليّ لا تغرق ، وناداه المؤمن : هلمّ إليّ لتخلص. فما زال المنافق يتردّد بينهما حتّى إذا أتى عليه ماء فغرّقه ، فكان المنافق لم يزل في شكّ حتّى يأتيه الموت. قوله تعالى : (وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً (١٤٣)) ؛ أي من يخذله الله عن الهدى ، فلن تجد له يا محمّد طريقا إلى الهدى.

قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ) ؛ أي لا تفعلوا أيّها المؤمنون كفعل المنافقين ، (أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطاناً مُبِيناً (١٤٤)) ؛ أي أتريدون أن تجعلوا لله عليكم حجّة ظاهرة توجب العقوبة عليكم في الدّنيا والآخرة. والسّلطان في اللغة : هو الحجّة ؛ يقال للأمير : سلطان ؛ يراد بذلك أنه حجّة.