صلىاللهعليهوسلم ؛ فألجأ غنمه إلى عاقول من الجبل وهو العوج (١) ، فلمّا سمعهم يكبرون عرف أنّهم الصّحابة ؛ فكبّر ونزل وهو يقول : لا إله إلّا الله محمّد رسول الله ؛ السّلام عليكم ، فغشاه أسامة بن زيد فقتله وساق غنمه ، وكان أمير السّريّة غالب بن فضالة اللّيثيّ ، ثمّ رجعوا إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فأخبروه الخبر ، فوجد رسول الله صلىاللهعليهوسلم من ذلك وجدا شديدا وقال : [قتلتموه إرادة ما معه] فأنزل الله هذه الآية ؛ فقرأها رسول الله صلىاللهعليهوسلم على أسامة فقال : يا رسول الله ؛ استغفر لي ، قال : [فكيف بلا إله إلّا الله!؟] قال ذلك ثلاث مرّات ، ثمّ استغفر له بعد ثلاث مرّات ، وأمره أن يعتق رقبة) (٢).
وعن الحسن : (أنّ أناسا من المسلمين لقوا أناسا من المشركين فحملوا عليهم ، فشدّ رجل منهم ومعه متاع ، فلمّا غشيه السّيف قال : إنّي مسلم ، فكذبه ثمّ أوجر السّنان وأخذ متاعه ، وكان والله قليلا ، فأخبر بذلك رسول الله صلىاللهعليهوسلم.
قال جندب بن سفيان (٣) : ولقد كنت عند رسول الله صلىاللهعليهوسلم حين جاء السّيف ، وقال : يا رسول الله ؛ بينما نحن نطلب القوم وقد هزمهم الله تعالى إذ لحقت رجلا بالسّيف ، فلمّا أحسّ السّيف واقع به ، قال : إنّي مسلم ؛ إنّي مسلم ؛ فقتلته ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : [قتلت مسلما!] قال : يا نبيّ الله ؛ إنّه قال ذلك متعوّذا ، فقال : [فهلّا شققت عن قلبه! فنظرت أصادقا هو أم كاذبا] قال : لو شققت عن قلبه ما كان يعلمني ؛ هل قلبه إلّا بضعة من لحم ، قال : [فأنت قتلته ؛ لا ما في قلبه علمت ؛ ولا لسانه صدّقت ؛ إنّما يعبر عنه لسانه] فقال : يا رسول الله ؛ استغفر لي ، قال : [لا أستغفر لك] قال : فما لبث القاتل أن مات فدفنوه ؛ فأصبح على ظهر الأرض إلى جانب قبره ، فعادوا فحفروا له وأمكنوا فدفنوه ؛ فأصبح على ظهر الأرض ثلاث مرّات ، فلمّا رأى ذلك قومه استحيوا وحزنوا وأخذوا برجله فألقوه في شعب من
__________________
(١) العوج من الأرض ما لا تستوي ، وهو الانعطاف فيما كان قائما. لسان العرب : مادة (عوج).
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان : النص (٨٠٨٠) عن قتادة ، والنص (٨٠٨١) عن السدي. وفي لباب النقول : ص ٧٧ ـ ٧٨ ؛ قال السيوطي : «وأخرجه الثعلبي من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس ... وذكره مختصرا».
(٣) هو جندب بن عبد الله بن سفيان البجلي العلقي ، في الاستيعاب : ج ١ ص ٣٢٤ ؛ قال ابن عبد البر : (ومنهم من يقول : جندب بن سفيان ، ينسبونه إلى جدّه).