قوله تعالى : (ذلِكَ مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا) ؛ أي هذا الذي ذكرت متاع الحياة الدنيا ، أي شيء يستمتع به في الدّنيا ثم يزول ويفنى. قوله تعالى : (وَاللهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ (١٤)) ، أي حسن المرجع والمنقلب للمؤمنين وهو الجنة الباقية ، ثم بيّن الله إنّما أعدّ الله للمؤمنين في الآخرة خير من هبة الدّنيا.
وقال عزوجل : (قُلْ أَأُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها) ؛ أي (قل) يا محمّد : أخبركم بخير من الذي زيّن للناس في الدنيا للذين اتقوا الشّرك والكبائر والفواحش ؛ فلا يشتغلون بالزينة عن طاعة الله ، لهم عند ربهم جنات ؛ أي بساتين تجري من تحت شجرها ومساكنها أنهار الماء والعسل والخمر واللّبن ، (خالِدِينَ فِيها) أي مقيمين دائمين ؛ أي ليست تلك المياه كمياه الدّنيا تجري أحيانا وتنقطع أحيانا ، بل تكون جارية أبدا.
قوله تعالى : (وَأَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ) ؛ أي ولهم نساء مهذبات في الخلق والخلق. قوله تعالى : (وَرِضْوانٌ مِنَ اللهِ) ؛ أي لهم مع ذلك رضا الله عنهم وهو من أعظم النّعم ، قال الله تعالى : (وَرِضْوانٌ مِنَ اللهِ أَكْبَرُ)(١) ، قوله تعالى : (وَاللهُ بَصِيرٌ بِالْعِبادِ (١٥)) ؛ أي عالم بأعمالهم وثوابهم.
واختلفوا في منتهى الاستفهام في قوله تعالى : (أَأُنَبِّئُكُمْ)) ؛ قال بعضهم : منتهاه عند قوله : (بِخَيْرٍ مِنْ ذلِكُمْ) وقوله تعالى : (لِلَّذِينَ اتَّقَوْا) استئناف الكلام ، وقال بعضهم : منتهاه : (عِنْدَ رَبِّهِمْ) وقوله تعالى : (جَنَّاتٌ) استئناف كلام.
قرأ أبو بكر عن عاصم : (ورضوان) بضمّ الراء في جميع القرآن وهي لغة قيس وعيلان وتميم ؛ وهما لغتان كالعدوان والطمعان والطعنان ، وقرأ عامّة القرّاء (ورضوان) بكسر الراء.
__________________
(١) التوبة / ٧٢.