محذوف. تقديره : ولأنت سوف يعطيك. فيكون اللّام لتأكيد الجملة. وأمّا الجمع بين حرفي التأكيد والتأخير ، فمعناه أنّ العطاء كائن لا محالة وإن تأخّر لما في التأخير من المصلحة. (١)
[٦ ـ ٨] (أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوى (٦) وَوَجَدَكَ ضَالاًّ فَهَدى (٧) وَوَجَدَكَ عائِلاً فَأَغْنى (٨))
(أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً). سئل الصادق عليهالسلام : لم أوتم النبيّ عن أبويه؟ قال : لئلّا يكون لمخلوق عليه حقّ. روى العيّاشيّ بإسناده عن أبي الحسن الرضا عليهالسلام في قوله : (أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً) قال : فردا لا مثل لك في المخلوقين فآوى الناس إليك. (وَوَجَدَكَ ضَالًّا) في قوم لا يعرفون فضلك فهداهم إليك. (وَوَجَدَكَ عائِلاً) تعول أقواما بالعلم فأغناهم بك. (٢)
عن الرضا عليهالسلام يقول للمأمون في قوله تعالى : (أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً) : يقول : ألم يجدك وحيدا فآوى إليك الناس. (وَوَجَدَكَ ضَالًّا). يعني عند قومك ، فهداهم إلى معرفتك. (وَوَجَدَكَ عائِلاً فَأَغْنى). يقول : بأن جعل دعاءك مستجابا. (٣)
(أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً). عدّد عليه نعمه وأياديه وأنّه لم يخله منها من أوّل تربيته [و] ابتداء نشئه ، ترشيحا لما أراد به ، ليقيس المترقّب على ما سلف فلا يتوقّع إلّا الحسنى ولا يضيق صدره ولا يقلّ صبره. و (أَلَمْ يَجِدْكَ) من الوجود الذي بمعنى العلم. وذلك أنّ أباه مات وهو جنين قد أتت عليه ستّة أشهر وماتت أمّه وهو ابن ثمان سنين فكفله عمّه أبو طالب. ومن بدع التفاسير أنّه من قولهم : درّة يتيمة وأنّ المعنى : ألم يجدك واحدا في قريش عديم النظير فآواك. (ضَالًّا). معناه الضلال عن علم الشريعة وما طريقه السمع. كقوله : (ما كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ). (٤) وقيل : ضلّ في صباه في بعض شعاب مكّة فردّه أبو جهل إلى عبد المطّلب. (فَهَدى) ؛ أي : فهداك وعرّفك القرآن والشرائع. أو : فأزال ضلالك عن جدّك وعمّك. (عائِلاً) ؛ أي : فقيرا فأغناك بمال خديجة أو بما أفاء عليك من الغنائم. كما قال عليهالسلام : جعل رزقي
__________________
(١) الكشّاف ٤ / ٧٦٦ ـ ٧٦٧.
(٢) مجمع البيان ١٠ / ٧٦٥ و ٧٦٧.
(٣) عيون الأخبار ١ / ١٥٨ ـ ١٥٩ ، ح ١.
(٤) الشورى (٤٢) / ٥٢.