الطغيان والضلال باستكراه ، ولكنّه (كانَ فِي ضَلالٍ) من الإيمان (بَعِيدٍ) وطغى باختياره السوء. وهذا مثل قوله : (وَما كانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ) الآية (١). (٢)
قوله : (قالَ قَرِينُهُ) ؛ أي : شيطانه وهو الثاني. (ما أَطْغَيْتُهُ). يعني الأوّل. فيقول الله : (لا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ). (٣)
[٢٨] (قالَ لا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ (٢٨))
(لا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ) ؛ أي : فيقول الله لهم : لا يخاصم بعضكم بعضا عندي. (وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ) في دار الدنيا فخالفتم أمري. (٤)
[٢٩] (ما يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَما أَنَا بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ (٢٩))
(ما يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ) ؛ أي : إنّ الذي قدّمت لكم من أنّي أعاقب من جحدني وكذّب رسلي ، لا يبدّل بغيره ولا يكون خلافه. ولست أظلم أحدا في عقابي بل هو الظالم لنفسه. (٥)
[٣٠] (يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ (٣٠))
(وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ). هذا القول إمّا بلسان الحال أو المقال ، أو هو خطاب للخزنة وكذا الجواب. نافع وأبو بكر : «يقول» بالياء. (٦)
(هَلِ امْتَلَأْتِ). استفهام. لأنّ الله وعد النار أن يملأها. فتمتلىء النار فيقول لها : هل امتلأت؟ وتقول : هل من مزيد؟ على حدّ الاستفهام. أي : ليس فيّ مزيد. قال : فتقول الجنّة : يا ربّ وعدت النار أن تملأها ووعدتني أن تملأني. فلم لا تملؤني كما ملأت النار؟ فيخلق الله يومئذ خلقا فيملأ بهم الجنّة. قال أبو عبد الله عليهالسلام : طوبى لهم ؛ لم يروا غموم الدنيا وهمومها. (٧)
__________________
(١) إبراهيم (١٤) / ٢٢.
(٢) مجمع البيان ٩ / ٢٢٠.
(٣) تفسير القمّيّ ٢ / ٣٢٦.
(٤) مجمع البيان ٩ / ٢٢٠.
(٥) مجمع البيان ٩ / ٢٢٠.
(٦) مجمع البيان ٩ / ٢٢١ و ٢١٨.
(٧) تفسير القمّيّ ٢ / ٣٢٦.