قيل : لا يسألكم أموالكم لأنّ الأموال كلّها لله فهو أملك لها و](١) هو المنعم بإعطائها. (٢)
[٣٧] (إِنْ يَسْئَلْكُمُوها فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُوا وَيُخْرِجْ أَضْغانَكُمْ (٣٧))
(فَيُحْفِكُمْ) أي : يجهدكم بمسألة جميعا (تَبْخَلُوا) بها فلا تعطوها. وقيل : فيحفكم ؛ أي : يلطف في السؤال بأن يعد عليه الثواب الجزيل. (وَيُخْرِجْ أَضْغانَكُمْ) ؛ أي : يظهر بغضكم وعداوتكم لله ورسوله ، ولكن فرض عليكم ربع العشر. وفي بعض الروايات عن أبي عمرو : (يُخْرِجْ) بالرفع. (٣)
[٣٨] (ها أَنْتُمْ هؤُلاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّما يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَراءُ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثالَكُمْ (٣٨))
(ها أَنْتُمْ هؤُلاءِ) ؛ أي : أنتم ـ يا مخاطبون ـ هؤلاء الموصوفون. وقوله : (تُدْعَوْنَ) استئناف مقرّر لذلك ، أو صلة لهؤلاء على أنّه بمعنى الذين. (يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ). البخل يتعدّى بعن وعلى لتضمّنه معنى الإمساك والتعدّي. فإنّه إمساك عن المستحقّ. (٤)
(لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللهِ). يعني ما فرض عليهم في أموالهم. (مَنْ يَبْخَلُ) بأداء الزكاة. (عَنْ نَفْسِهِ) لحرمانه الثواب. وقيل : معناه : فإنّما يبخل بداع من نفسه يدعوه إلى البخل. (وَاللهُ الْغَنِيُّ) عن أموالكم. (وَأَنْتُمُ الْفُقَراءُ) إلى ما عند الله من الخير والرحمة. أي : لا يأمركم بالإنفاق لحاجته ، ولكن لأجل انتفاعكم به في الآخرة. (وَإِنْ تَتَوَلَّوْا) عن طاعة الله ورسوله (يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ) أطوع لله. (ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثالَكُمْ) بل يكونوا خيرا منكم. روي أنّ ناسا من أصحاب رسول الله قالوا : يا رسول الله ، من هؤلاء الذين ذكر الله في كتابه؟ وكان سلمان إلى جنب رسول الله. فقال : هذا وقومه. والذي نفسي بيده ، لو أنّ الإيمان
__________________
(١) في النسخة : «لأن الله» بدل ما بين المعقوفتين.
(٢) مجمع البيان ٩ / ١٦٣.
(٣) مجمع البيان ٩ / ١٦٣ و ١٦٢.
(٤) تفسير البيضاويّ ٢ / ٤٠٦.