فيها بالقتال. (مَرَضٌ) ؛ أي : شكّ ونفاق. (نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ). يريد أنّهم يشخصون نحوك بأبصارهم ـ كما ينظر الشاخص ببصره عند الموت ـ لثقل ذلك عليهم. (فَأَوْلى لَهُمْ). تهديد ووعيد. قال الأصمعيّ : معنى قولهم في التهديد : أولى لك : وليك وقاربك ما تكره. وقيل : معناه : العقاب أو الوعيد لهم. فيكون أولى اسما و (فَأَوْلى لَهُمْ) مبتدأ وخبرا. وقيل معناه : طاعة الله ورسوله وقول معروف أولى لهم. فيكون (طاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ) متّصلا بما قبله. ويجوز أن يكون (طاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ) مبتدأ وخبره محذوف تقديره : أمثل وأليق من حال هؤلاء المنافقين ، أو : خير لهم من جزعهم عند نزول فرض الجهاد. أو يكون خبر مبتدأ محذوف. أي : قولوا : أمرنا طاعة وقول معروف. [وهذا] أمر من الله سبحانه للمنافقين. وقيل : هو حكاية عنهم. يعني أنّهم كانوا يقولون ذلك. (عَزَمَ الْأَمْرُ) ؛ أي : جدّ الأمر وفرض القتال. وجواب إذا محذوف يدلّ عليه (صَدَقُوا اللهَ) ؛ أي : نكلوا وكذبوا فيما وعدوا. [فلو] صدقوا الله فيما أمرهم من الجهاد ، لكان خيرا من النفاق. (١)
(سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ) : مبيّنة غير متشابهة لا تحتمل وجها إلّا وجوب القتال. وقيل : آية القتال محكمة لأنّ النسخ لا يرد عليها من قبل أنّ القتال قد نسخ ما كان من الصفح والمهادنة وهو غير منسوخ إلى يوم القيامة. (فَإِذا عَزَمَ الْأَمْرُ) ؛ أي : جدّ. والعزم والجدّ لأصحاب الأمر وإنّما يسندان إلى الأمر إسنادا مجازيّا. (٢)
[٢٢] (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ (٢٢))
(فَهَلْ عَسَيْتُمْ) يا معاشر المنافقين (إِنْ تَوَلَّيْتُمْ) الأحكام وجعلتم ولاة (أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ) بأخذ الرشاء وسفك الدم الحرام وقطع الأرحام ، كما قتلت قريش بني هاشم وقتل بعضهم بعضا. وقيل : (إِنْ تَوَلَّيْتُمْ) معناه : إن أعرضتم. قال قتادة : كيف رأيتم القوم حين تولّوا عن القرآن؟ ألم يسفكوا الدم الحرام وقطعوا الأرحام وعصوا الرحمن؟ قرأ يعقوب و
__________________
(١) مجمع البيان ٩ / ١٥٥ ـ ١٥٨.
(٢) الكشّاف ٤ / ٣٢٤ ـ ٣٢٥.