(أَمْ أَبْرَمُوا). وذلك أنّهم اجتمعوا في دار الندوة وأجمعوا على الاغتيال بمحمّد صلىاللهعليهوآله وتناجوا في ذلك ، فكفّ عنه شرّهم وواعدهم عليه بأنّه يعلم سرّهم ونجواهم. (١)
السرّ ما حدّث به الرجل نفسه أو غيره في مكان خال. والنجوى : ما تكلّموا به فيما بينهم. (٢)
عن أبي عبد الله عليهالسلام : نزلت في فلان وفلان وأبي عبيدة بن الجرّاح ـ وكان كاتبهم ـ وعبد الرحمن بن عوف وسالم مولى أبي حذيفة والمغيرة بن شعبة حيث كتبوا الكتاب بينهم وتواثقوا وتعاهدوا لئن مضى محمّد ، لا تكون الخلافة في بني هاشم ولا النبوّة أبدا. قال أبو عبد الله : لعلّك ترى أنّه [كان] يوم يشبه يوم كتب الكتاب إلّا يوم قتل الحسين عليهالسلام وهكذا كان في سابق علم الله عزوجل الذي أعلمه رسول الله صلىاللهعليهوآله أن إذا كتب الكتاب قتل الحسين وخرج الملك من بني هاشم فقد كان ذلك كلّه. (٣)
[٨١] (قُلْ إِنْ كانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعابِدِينَ (٨١))
(إِنْ كانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ). فيه أقوال. [أحدها :] انّ معناه إن كان للرحمن ولد في قولكم وزعمكم ، فأنا أوّل من عبد الله ، ومن عبده فقد دفع أن يكون له ولد. والمعنى : أنا أوّل الموحّدين المنكرين لقولكم. وثانيها : انّ معناه : لو كان له ولد ، لكنت أوّل الآنفين عن عبادته. لأنّ من يكون له ولد لا يكون إلّا جسما محدثا ، ومن كان كذلك لا يستحقّ العبادة. وثالثها : انّ إن بمعنى النفي. أي : ما كان للرحمن ولد وأنا أوّل المقرّين بذلك. عن ابن عبّاس. ورابعها : انّه لو كان له ولد ، لكنت أوّل من يعبده بأنّ له ولدا ولكن لا ولد له. وهذا تحقيق لنفي الولد. (٤)
(قُلْ إِنْ كانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ) قضيّة شرطيّة شرطها وجزاؤها ممتنعان إلّا أنّ الملازمة صادقة. نظيره قولك : إن كانت الخمسة زوجا ، فهي منقسمة بمتساويين. وهذا على سبيل
__________________
(١) تفسير النيسابوريّ ٢٠ / ٧٦.
(٢) الكشّاف ٤ / ٢٦٥.
(٣) الكافي ٨ / ١٧٩ ـ ١٨٠ ، ح ٢٠٢.
(٤) مجمع البيان ٩ / ٨٧ ـ ٨٨.