فرددته ثلاث مرّات وأخبرته أنّ رسول الله محتجب وعنده زوّار من الملائكة وعدّتهم كذا وكذا. ثمّ أذنت له فدخل فقال : يا رسول الله ، إنّي قد جئتك ثلاث مرّات وكلّ ذلك يردّني عليّ ويقول : إنّ رسول الله محتجب وعنده زوّار من الملائكة وعدّتهم كذا وكذا. فيكف علم بالعدّة؟ أعاينهم؟ فقال : يا عليّ ، كيف علمت بعدّتهم؟ فقال : اختلفت عليّ التحيّات وسمعت الأصوات فأحصيت العدد. قال : صدقت. فإنّ فيك شبها من أخي عيسى. فخرج عمر وهو يقول : ضربه لابن مريم مثلا. (١)
عن النبيّ صلىاللهعليهوآله (إِذا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ) قال : الصدود في العربيّة الضحك. (٢)
[٥٨] (وَقالُوا أَآلِهَتُنا خَيْرٌ أَمْ هُوَ ما ضَرَبُوهُ لَكَ إِلاَّ جَدَلاً بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ (٥٨))
(وَقالُوا أَآلِهَتُنا خَيْرٌ أَمْ هُوَ). يعنون : انّ آلهتنا عندك ليست بخير من عيسى. فإذا كان عيسى حصب جهنّم ، كان أمر آلهتنا هيّنا. (ما ضَرَبُوهُ) : ما ضربوا هذا المثل (لَكَ إِلَّا جَدَلاً) : إلّا لأجل الجدل والغلبة في القول لا لطلب الميز بين الحقّ والباطل. (قَوْمٌ خَصِمُونَ) : شداد الخصومة دأبهم اللّجاج. وذلك أنّ قوله : (إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ) ما أريد به إلّا الأصنام ، إلّا أنّ ابن الزبعرى بخداعه وخبث دخلته لمّا رأى كلام الله محتملا للعموم ، مع علمه بأنّ المراد به أصنامهم ، وجد للحيلة مساغا فصرف معناه إلى الشمول والإحاطة على طريق اللّجاج وحبّ المغالبة. فتوقّف رسول الله حتّى أجاب عن ربّه : (إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ) ـ الآية ـ فدلّت على أنّ الآية خاصّة في الأصنام. على أنّ ظاهر قوله : (إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ) لغير العقلاء. (٣)
[٥٩] (إِنْ هُوَ إِلاَّ عَبْدٌ أَنْعَمْنا عَلَيْهِ وَجَعَلْناهُ مَثَلاً لِبَنِي إِسْرائِيلَ (٥٩))
ثمّ وصف سبحانه المسيح فقال : (إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنا عَلَيْهِ) بالخلق من غير أب وبالنبوّة. (وَجَعَلْناهُ مَثَلاً) ؛ أي : آية لبني إسرائيل ودلالة يعرفون قدرة الله بها حيث خلق من
__________________
(١) بحار الأنوار ٣٥ / ٣١٧.
(٢) معاني الأخبار / ٢٢٠ ، ح ١.
(٣) الكشّاف ٤ / ٢٦٠.