إطلاقه فيما عدا الشرك قوله : (إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ)(١) والتعليل بقوله : (إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) على المبالغة وإفادة الحصر. (٢)
(أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ) بارتكاب الذنوب. (لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ) ؛ أي : لا تيأسوا من مغفرة الله. وقيل : إنّ هذه الآية نزلت في وحشيّ قاتل حمزة رحمهالله ، حيث أراد أن يسلم وخاف أن لا تقبل توبته. فلمّا نزلت الآية أسلم. فقيل : يا رسول الله ، هذه له خاصّة أم للمسلمين عامّة؟ فقال : بل للمسلمين عامّة. لأنّ الله سبحانه يغفر جميع الذنوب للتائب لا محالة. فإن مات الموحّد من غير توبة ، فهو [في] مشيّة الله ؛ إن شاء عذّبه بعدله ، وإن شاء غفر له بفضله. كما قال : (وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ)(٣). (٤)
بعث وحشيّ وجماعة إلى النبيّ صلىاللهعليهوآله : ما يمنعنا من دينك إلّا أنّنا سمعناك تقرأ أنّ من يدعو مع الله إلها آخر ويقتل النفس ويزني ، يلق أثاما ويخلد في العذاب. ونحن قد فعلنا هذا كلّه. فبعث الله إليهم بقوله تعالى : (إِلَّا مَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ [عَمَلاً] صالِحاً). (٥) فقالوا : نخاف أن لا نعمل صالحا. فبعث إليهم : (إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ) فقالوا : نخاف أن لا ندخل في المشيّة. فبعث إليهم : (يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا) ـ الآية. فجاؤوا وأسلموا. (٦)
روي : الحمزة وقاتله في الجنّة. والزبير وقاتله في النار.
عن أبي عبد الله عليهالسلام أنّه قال لأبي بصير : لقد ذكركم الله في كتابه إذ يقول : (يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا) ـ الآية. والله ما أراد بهذه غيركم. (٧)
عن أبي جعفر عليهالسلام : لا يعذر أحد يوم القيامة بأن يقول : يا ربّ لم أعلم أنّ ولد فاطمة الولاة. وفي ولد فاطمة نزلت هذه الآية خاصّة : (قُلْ يا عِبادِيَ) ـ الآية. (٨)
__________________
(١) النساء (٤) / ٤٨ و ١١٦.
(٢) تفسير البيضاويّ ٢ / ٣٢٨.
(٣) النساء (٤) / ٤٨ و ١١٦.
(٤) مجمع البيان ٨ / ٧٨٤ ـ ٧٨٥.
(٥) الفرقان (٢٥) / ٧٠.
(٦) سعد السعود / ٢١١.
(٧) الكافي ٨ / ٣٥.
(٨) معاني الأخبار / ١٠٧.