علامة يعرف بها؟ قال : التجافي عن دار الغرور ، والإنابة إلى دار الخلود ، والاستعداد للموت قبل حلوله. (١)
[٢٣] (اللهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتاباً مُتَشابِهاً مَثانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلى ذِكْرِ اللهِ ذلِكَ هُدَى اللهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ (٢٣))
(أَحْسَنَ الْحَدِيثِ). يعني القرآن. (مُتَشابِهاً) ؛ أي : يشبه كتب الله المتقدّمة وإن كان أنفع منها. (مَثانِيَ). لأنّه تثنّى فيه القصص والأخبار والأحكام والمواعظ بتصريفها في ضروب البيان ويثنّى أيضا في التلاوة فلا يملّ. قال قتادة : هو نعت لأولياء الله بأن تقشعرّ جلودهم وتطمئنّ قلوبهم إلى ذكر الله. ولم ينعتهم بذهاب عقولهم والغشيان عليهم. إنّما ذلك من أهل البدع وهو من الشيطان. عنه صلىاللهعليهوآله : إذا اقشعرّ جلد العبد من خشية الله ، تحاتّت ذنوبه كما تتحاتّ عن الشجرة اليابسة أوراقها. (٢)
(كِتاباً). بدل من (أَحْسَنَ الْحَدِيثِ). و (مُتَشابِهاً) مطلق في متشابهة بعضه بعضا فكان متناولا لتشابه معانيه في الصحّة والإحكام والبناء على الحقّ والصدق وتناسب ألفاظه في الإعجاز وتجاوب النظم. ويجوز أن يكون (مَثانِيَ) بيانا لكونه متشابها. لأنّ القصص المذكورة المكرّرة لا تكون إلّا متشابهة. والمثاني جمع مثنى بمعنى مردّد ومكرّر لما ثنّي من قصصه وأنبائه ، أو لأنّه يثنّى في التلاوة فلا يملّ. ويجوز أن يكون جمع مثنّى مفعّل من التثنية بمعنى التكرير والإعادة. كقوله : (ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ). (٣) وإنّما وصف الواحد بالجمع لأنّ الكتاب جملة ذات تفاصيل [ألا تراك تقول : القرآن] أسباع وأخماس وسور وآيات وأقاصيص وأحكام ومواعظ. وأصله : كتابا متشابها فصولا مثاني. ويجوز أن يكون مثاني [صفة ويكون] منتصبا على التمييز من متشابها. أي : متشابها مثانيه. وأمّا فائدة التكرير
__________________
(١) روضة الواعظين ٢ / ٤٤٨.
(٢) مجمع البيان ٨ / ٧٧٢ ـ ٧٧٣.
(٣) الملك (٦٧) / ٤.