(ما مَنَعَكَ). سؤال توبيخ وتعريف للملائكة أنّه لا عذر له في الامتناع. ومعنى قوله : (لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَّ) : تولّيت خلقه بنفسي من غير واسطة. وقيل : معناه : خلقته بقدرتي. (أَسْتَكْبَرْتَ) ؛ أي : أرفعت نفسك فوق قدرك وتعظّمت عن امتثال أمري أم كنت من الذين يعلو قدرهم فتعاليت عنه. (١)
[٧٦] (قالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ (٧٦))
عن إسحاق بن جرير قال : قال أبو عبد الله عليهالسلام : أيّ شيء يقول أصحابك في قول إبليس : (خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ)؟ قلت : جعلت فداك ؛ قد قال ذلك وذكره الله في كتابه. فقال : كذب إبليس. ما خلقه الله إلّا من طين. قال الله : (الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ ناراً). (٢) خلقه الله من تلك النار ومن تلك الشجرة. والشجرة أصلها من طين. (٣)
[٧٧] (قالَ فَاخْرُجْ مِنْها فَإِنَّكَ رَجِيمٌ (٧٧))
(فَاخْرُجْ مِنْها) ؛ أي : من الجنّة. أو : من السموات. أو : من الخلقة التي أنت فيها. لأنّه كان يفتخر بخلقته فغيّر الله خلقه فاسودّ بعد ما كان أبيض وأظلم بعد ما كان نورانيّا. والرجيم : المرجوم ، وهو المطرود. لأنّ من طرد رمي بالحجارة على أثره ، والرجم الرمي بالحجارة. أو لأنّ الشياطين يرجمون بالشهب. (٤)
[٧٨ ـ ٨١] (وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلى يَوْمِ الدِّينِ (٧٨) قالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (٧٩) قالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ (٨٠) إِلى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ (٨١))
فإن قلت : قوله : (لَعْنَتِي إِلى يَوْمِ الدِّينِ) كأنّ لعنة إبليس غايتها يوم الدين ثمّ تنقطع. قلت : كيف تنقطع وقد قال الله : (فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِينَ)(٥)؟ ولكنّ
__________________
(١) مجمع البيان ٨ / ٧٥٧ ـ ٧٥٨.
(٢) يس (٣٦) / ٨٠.
(٣) تفسير القمّيّ ٢ / ٢٤٤ ـ ٢٤٥.
(٤) الكشّاف ٤ / ١٠٧.
(٥) الأعراف (٧) / ٤٤.