النزول : قال المفسّرون : إنّ أشراف قريش ـ وهم خمسة وعشرون منهم الوليد بن مغيرة وأبو جهل ـ أتوا أبا طالب وقالوا : أنت شيخنا وكبيرنا. وقد أتيناك لتقضي بيننا وبين ابن أخيك. فإنّه سفّه أحلامنا وشتم آلهتنا. فدعاه أبو طالب وقال : يابن أخ ، هؤلاء قومك [يسألونك]. فقال : ماذا [يسألونني]؟ قالوا : دعنا وآلهتنا ، ندعك وإلهك. فقال : تعطونني كلمة واحدة تملكون بها العرب والعجم؟ فقال أبو جهل : نعطيك ذلك عشر أمثالها. قال : قولوا : لا إله إلّا الله. فقاموا وقالوا : (أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلهاً واحِداً)؟ (١) فنزلت هذه الآيات. فقال : يا عمّ ، ما أترك هذا القول حتّى أنفذه أو أقتل دونه. فقال أبو طالب : امض لأمرك. فو الله لا أخذ لك أبدا. واختلف في (ص) فقيل : هو اسم للسورة. وقال ابن عبّاس : هو اسم من أسماء الله تعالى أقسم به. وروي ذلك عن الصادق عليهالسلام. وقيل : معناه : صدق. وقيل : هو اسم من أسماء القرآن. فيجوز أن يكون موضعه نصبا على تقدير حذف حرف القسم. ويجوز أن يكون رفعا على تقدير : هذه ص ، في مذهب من جعله اسما للسورة. (ذِي الذِّكْرِ) ؛ أي : البيان (٢) الذي يؤدّي إلى الحقّ ويهدي إلى الرشد. أو فيه ذكر الله وتوحيده. وجواب القسم محذوف. أى : والقرآن ذي الذكر ، فقد جاء الحقّ وظهر الأمر. أو إنّ جوابه (ص) ؛ فإنّ معناه صدق. أقسم سبحانه بالقرآن أنّ محمّدا صدق. وقيل : إنّ الجواب ممّا كفى منه قوله : (كَمْ أَهْلَكْنا). (٣)
(ص). قسم. وقيل : صدق محمّد فيما جاء به. وقيل : صدق الله في وعده. وقرئ (ص) بكسر الدال من المصاداة بمعنى المعارضة. أي : عارض القرآن بعملك وقابله. وقرئ بالجرّ والتنوين على إعمال حرف الجرّ وهو محذوف. (م ح د)
[٢] (بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقاقٍ (٢))
(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا) من أهل مكّة (فِي عِزَّةٍ) ؛ أي : في تكبّر عن قبول الحقّ (وَشِقاقٍ) و
__________________
(١) ص (٣٨) / ٥.
(٢) في النسخة زيادة : والشرف»
(٣) مجمع البيان ٨ / ٧٢٥ ـ ٧٢٦ و ٧٢٤ ـ ٧٢٥.