أنّهم لكاذبون في ذلك وأنّهم محضرون النار معذّبون بما يقولون. والمراد المبالغة في التكذيب حيث أضيف إلى علم الذين ادّعوا لهم تلك النسبة. وقيل : قالوا إنّ الله صاهر الجنّ فخرجت الملائكة. وقيل : قالوا إنّ الله والشيطان أخوان. وقيل : أشركوا الجنّ في طاعة الله. ويجوز إذا فسّر الجنّة بالشياطين أن يكون الضمير في (إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ) لهم والمعنى أنّ الشياطين عالمون [بأنّ] الله يحضرهم النار ويعذّبهم ولو كانوا مناسبين له أو شركاء في وجوب الطاعة ، لما عذّبهم. (١)
[١٥٩ ـ ١٦٠] (سُبْحانَ اللهِ عَمَّا يَصِفُونَ (١٥٩) إِلاَّ عِبادَ اللهِ الْمُخْلَصِينَ (١٦٠))
(إِلَّا عِبادَ اللهِ). استثناء منقطع من (لَمُحْضَرُونَ). أي : لكنّ المخلصين ناجون. و (سُبْحانَ اللهِ) اعتراض بين الاستثناء [وبين ما وقع منه. ويجوز أن يقع الاستثناء] من الواو في (يَصِفُونَ). أي يصفه هؤلاء بذلك ولكنّ المخلصين برآء من أن يصفوه بذلك. (٢)
[١٦١ ـ ١٦٣] (فَإِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ (١٦١) ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفاتِنِينَ (١٦٢) إِلاَّ مَنْ هُوَ صالِ الْجَحِيمِ (١٦٣))
(عَلَيْهِ). الضمير في عليه لله تعالى. ومعناه : فإنّكم ومعبوديكم ما أنتم وهم جميعا بفاتنين على الله إلّا أصحاب النار الذين سبق في علمه أنّهم لسوء أعمالهم يستوجبون أن يصلوها. فإن قلت : كيف يفتنونهم على الله؟ قلت : يفسدونهم عليه بإغوائهم واستغوائهم. من قولك : فتن فلان على فلان امرأته ، كما تقول أفسدها عليه. ويجوز أن يكون الواو في (وَما تَعْبُدُونَ) بمعنى مع وحينئذ فالوقف على تعبدون. لأنّ قوله : (وَما تَعْبُدُونَ) سادّ مسدّ الخبر. والمعنى : فإنّكم مع آلهتكم ؛ [أي : فإنّكم] قرناؤهم وأصحابهم لا تبرحون تعبدونها. ثمّ قال : ما أنتم على ما تعبدون (بِفاتِنِينَ) : بباعثين أو حاملين على الفتنة والإضلال إلّا من
__________________
(١) الكشّاف ٤ / ٦٤ ـ ٦٥.
(٢) الكشّاف ٤ / ٦٥.