يغويكم؟ صورته صورة الاستفهام ومعناه الإنكار عليهم والتبكيت لهم. وفيه بطلان مذهب أهل الجبر. لأنّه سبحانه لو أراد ضلالهم ، لكان ذلك أضرّ عليهم من إرادة الشيطان. قرأ أبو عمرو وابن عامر : (جِبِلًّا) بضمّ الجيم وسكون الباء ، وأهل المدينة وعاصم بكسر الجيم والباء وتشديد اللّام ، والباقون بضمّها وتخفيف اللّام. ومعناهنّ جميعا : الخلق الكثير الذين جبلوا على خليقة ؛ أي : طبعوا. وأصل الجبل : الطبع. ومنه الجبل لأنّه مطبوع على الثبات. (١)
[٦٣ ـ ٦٤] (هذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (٦٣) اصْلَوْهَا الْيَوْمَ بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (٦٤))
(كُنْتُمْ تُوعَدُونَ). أي في دار الدنيا. (اصْلَوْهَا) ؛ أي : الزموا العذاب بها. وأصل الصلاء : اللّزوم. (٢)
[٦٥] (الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلى أَفْواهِهِمْ وَتُكَلِّمُنا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ (٦٥))
(نَخْتِمُ عَلى أَفْواهِهِمْ) حقيقة حتّى لا يقدروا على الكلام. (وَتُكَلِّمُنا أَيْدِيهِمْ). أي تستنطق الأعضاء التي كانت لا تنطق في الدنيا فتشهد عليهم ، إمّا بأن يخلقها الله خلقة يمكن أن تتكلّم وتعترف بذنوبها ، وإمّا أن يجعل فيها كلاما لا يظهر إلّا من جهتها فلذا نسب إليها ، وإمّا أنّه يجعل فيها من الآيات ما يدلّ على أنّ أصحابها عصوا الله فسمّى ذلك شهادة منها. (٣)
(الْيَوْمَ نَخْتِمُ). قال : إذا جمع الله الخلق يوم القيامة ، دفع إلى كلّ إنسان كتابه فينظر فيه فينكرون أنّهم عملوا من ذلك من شيئا. فتشهد عليهم الملائكة ، فيقولون : يا ربّ ملائكتك يشهدون لك. ثمّ يحلفون أنّهم لم يفعلوا من ذلك شيئا. وهو قول الله عزوجل : (يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ
__________________
(١) مجمع البيان ٨ / ٦٧٢ ـ ٦٧٣.
(٢) مجمع البيان ٨ / ٦٧٣.
(٣) مجمع البيان ٨ / ٦٧٣.