هذا التقدير المتضمّن [للحكم]. (الْعَزِيزِ) ؛ أي : الغالب بقدرته على كلّ مقدور. (١)
[٣٩] (وَالْقَمَرَ قَدَّرْناهُ مَنازِلَ حَتَّى عادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ (٣٩))
(وَالْقَمَرَ قَدَّرْناهُ) ؛ أي : قدّرنا مسيره. (مَنازِلَ). هي ثمانية وعشرون منزلا ينزل كلّ يوم وليلة منزلا منها لا يختلف حاله في ذلك إلى أن يقطع الفلك. (حَتَّى عادَ) ؛ أي : عاد في آخر الشهر دقيقا كالعذق اليابس العتيق ، ثمّ يخفى يومين آخر الشهر. وإنّما شبّهه بالعذق لأنّه إذا مضت عليه الأيّام جفّ وتقوّس فيكون أشبه الأشياء بالهلال. وقيل : إنّ العذق يصير كذلك في ستّة أشهر. وفي حديث المكاريّ عن الرضا عليهالسلام أنّه سأله عن رجل قال عند موته : كلّ مملوك قديم فهو حرّ لوجه الله ، فقال عليهالسلام : ما ملك لستّة أشهر فهو قديم وهو حرّ. لأنّه تعالى قال : (حَتَّى عادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ) ويعود كذلك لستّة أشهر. (٢)
[٤٠] (لا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَها أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلا اللَّيْلُ سابِقُ النَّهارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ (٤٠))
(أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ) لسرعة سيره. لأنّ الشمس أبطأ سيرا من القمر. فإنّها تقطع منازلها في سنة والقمر يقطعها في شهر. وهو سبحانه باين [بين] فلكيهما فلا يمكن أن يدرك أحدهما الآخر. (وَلَا اللَّيْلُ سابِقُ النَّهارِ) ؛ أي : لا يجتمع ليلتان ليس بينهما يوم بل يتعاقبان. وعن الأشعث بن حاتم قال : كنت مع الرضا عليهالسلام والمأمون والفضل بمرو وقد سأل الرضا عليهالسلام رجل عن النهار خلق قبل أم اللّيل ، فقال عليهالسلام للفضل : أمّا من جهة الحساب ، فطالع الدنيا السرطان والكواكب في موضع شرفها ، فزحل في الميزان والمشترى في السرطان والشمس في الحمل والقمر في الثور. فذلك يدلّ على كينونة الشمس في الحمل في العاشر من الطالع في وسط الدنيا. فالنهار خلق قبل اللّيل. وفي قوله : (وَلَا اللَّيْلُ سابِقُ النَّهارِ) ؛ أي : قد سبقه النهار. (وَ
__________________
(١) مجمع البيان ٨ / ٦٦٣ ، وتفسير البيضاويّ ٢ / ٢٨٢.
(٢) مجمع البيان ٨ / ٦٦٣ ـ ٦٦٤.