منزلين على من قبلهم من حجارة وريح وأمطار شديدة. (١)
[٢٩] (إِنْ كانَتْ إِلاَّ صَيْحَةً واحِدَةً فَإِذا هُمْ خامِدُونَ (٢٩))
ثمّ بيّن سبحانه بأيّ شيء كان هلاكهم فقال : (إِنْ كانَتْ إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً). قيل : إنّهم لمّا قتلوا حبيب النجّار ، غضب الله عليهم فبعث جبرئيل حتّى أخذ بعضادتي باب المدينة ثمّ صاح عليهم صيحة فماتوا عن آخرهم كالنار إذا طفئت. أبو جعفر : (إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً) بالرفع ، والباقون بالنصب. (٢)
من قرأ : (إِلَّا صَيْحَةً) بالنصب ، أراد : ما كانت الأخذة أو العقوبة إلّا بسبب صيحة. ومن قرأ بالرفع ، على معنى كان التامّة ، فمعناه : ما وقعت إلّا صيحة. قال جار الله : القياس والاستعمال على تذكير الفعل ، لأنّ المعنى : ما وقع شيء ، ولكنّه نظر إلى ظاهر اللّفظ وأنّ الصيحة في حكم فاعل الفعل. قلت : يجوز أن يقدّر : ما حدثت عقوبة. وقيل : إنّ التأنيث لتهويل الواقعة ولهذا جاءت أسماء الحشر كلّها مؤنّثة. (٣)
[٣٠] (يا حَسْرَةً عَلَى الْعِبادِ ما يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ (٣٠))
(يا حَسْرَةً) ؛ أي : يا ندامة. (عَلَى الْعِبادِ). أي في الآخرة باستهزائهم بالرسل في الدنيا. ثمّ بيّن سبب الحسرة. والمعنى أنّهم [حلّوا] محلّ من يتحسّر. وقيل : إنّ المعنى : يا ويلا على العباد. ويحتمل أن يكون من كلام ذلك الرجل. وقيل : إنّهم لمّا عاينوا العذاب قالوا : يا حسرة على العباد ـ يعني الرسل ـ حيث لم نؤمن. فتمنّوا الإيمان وندموا حين لم تنفعهم الندامة. والمعنى : يا حسرتي احضري ، فهذا أوانك. قرأ عليّ بن الحسين وابن عبّاس : يا حسرة العباد مضافا. (٤)
(يا حَسْرَةً). نداء للحسرة عليهم. كأنّه قيل لها : تعالي يا حسرة ، فهذه من أحوالك التي
__________________
(١) تفسير البيضاويّ ٢ / ٢٨٠.
(٢) مجمع البيان ٨ / ٦٥٩ و ٦٥٧.
(٣) تفسير النيسابوريّ ٢٣ / ١٤.
(٤) مجمع البيان ٨ / ٦٥٩ و ٦٥٧.