[١٨] (قالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنا بِكُمْ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مِنَّا عَذابٌ أَلِيمٌ (١٨))
(قالُوا) حين عجزوا عن إيراد شبهة وعدلوا عن النظر في المعجزة. (تَطَيَّرْنا) ؛ أي : تشأّمنا بكم. (لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا) عمّا تدّعونه من الرسالة (لَنَرْجُمَنَّكُمْ) بالحجارة. (١)
(تَطَيَّرْنا بِكُمْ) ؛ أي : تشأّمنا. وذلك لاستغرابهم ما ادّعوه واستقباحهم له وتنفّرهم عنه. (٢)
[١٩] (قالُوا طائِرُكُمْ مَعَكُمْ أَإِنْ ذُكِّرْتُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ (١٩))
(قالُوا). أي الرسل. (طائِرُكُمْ مَعَكُمْ) ؛ أي : الشؤم كلّه بإقامتكم على الكفر. فأمّا الدعاء إلى التوحيد ، ففيه غاية البركة واليمن ولا شؤم فيه. وقيل : معنى طائركم : حظّكم ونصيبكم من الشرّ والخير. (أَإِنْ ذُكِّرْتُمْ) ؛ أي : إن ذكّرتم قلتم هذا القول وهدّدتمونا. أو معناه : إن تدبّرتم عرفتم صحّة ما قلناه لكم. (قَوْمٌ مُسْرِفُونَ) ؛ أي : ليس فينا ما يوجب التشؤّم بنا ، ولكن أنتم متجاوزون الحدّ في التكذيب بالرسل. و [الإسراف :] مجاوزة الحدّ. (٣)
(أَإِنْ ذُكِّرْتُمْ) : وعظتم به. جواب الشرط محذوف مثل : تطيّرتم ، أو توعّدتم بالرجم. (٤)
[٢٠] (وَجاءَ مِنْ أَقْصَا الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعى قالَ يا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ (٢٠))
(رَجُلٌ يَسْعى). كان اسمه حبيب النجّار وقد كان آمن بالرسل عند نزولهم القرية. وكان منزله عند أقصى باب المدينة. فلمّا بلغه أنّ قومه كذّبوا الرسل وهمّوا بقتلهم ، جاء يعدو. قال : يا قوم اتّبعوا هؤلاء الرسل. وإنّما علم بنبوّتهم لأنّهم لمّا دعوه قال : أتأخذون على ذلك أجرا؟ قالوا : لا. وقيل : إنّه كان [به] زمانة أو جذام فأبرؤوه فآمن بهم. حاصل القصّة : انّ عيسى عليهالسلام بعث رسولين من الحواريّين إلى مدينة أنطاكية. فلمّا قربا من المدينة ، رأيا حبيب النجّار شيخا يرعى غنيمات له فقالوا له : جئنا ندعوكم من عبادة الأوثان إلى عبادة الرحمن.
__________________
(١) مجمع البيان ٨ / ٦٥٤.
(٢) تفسير البيضاويّ ٢ / ٢٧٩.
(٣) مجمع البيان ٨ / ٦٥٤ ـ ٦٥٥.
(٤) تفسير البيضاويّ ٢ / ٢٧٩.