من يشاء أن يلطف له ويوفّقه. (وَما أَنْتَ بِمُسْمِعٍ). لم يرد به نفي حقيقة الإسماع ، لأنّهم كانوا يسمعون آيات الله. (مَنْ فِي الْقُبُورِ) ؛ أي : إنّك لا تقدر أن تنفع الكفّار بإسماعك إيّاهم إذ لم يقبلوا كما لا تسمع من في القبور من الأموات. (١)
(يُسْمِعُ مَنْ يَشاءُ). يعني أنّه قد علم من يدخل في الإسلام ممّن لا يدخل فيه فيهدي الذي قد علم أنّ الهداية تنفع فيه ويخذل من علم أنّها لا تنفع فيه. وأمّا أنت ، فخفّي عليك أمرهم ، فلذلك تحرص على إسلام قوم من المخذولين. مثلك في ذلك مثل من يريد أن يسمع المقبورين وذلك ما لا سبيل إليه. ويحتمل أن يكون معناه انّ الله يسمع من يشاء وانّه قادر على أن يهدي المطبوع على قلوبهم على وجه القسر والإلجاء وغيرهم على وجه الهداية والتوفيق. وأمّا أنت ، فلا حيلة لك في المطبوع على قلوبهم الذين هم بمنزلة الموتى. (٢)
[٢٣] (إِنْ أَنْتَ إِلاَّ نَذِيرٌ (٢٣))
[٢٤] (إِنَّا أَرْسَلْناكَ بِالْحَقِّ بَشِيراً وَنَذِيراً وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلاَّ خَلا فِيها نَذِيرٌ (٢٤))
(أَرْسَلْناكَ بِالْحَقِّ) ؛ أي : بالدين الصحيح ، مبشّرا للمؤمنين مخوّفا للكافرين. (وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ) ؛ أي : ليس من أمّة من الأمم الماضية إلّا مضى فيها (نَذِيرٌ) ؛ أي : مخوّف. فأنت مثلهم. (٣)
(وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلا فِيها نَذِيرٌ). قال : لكلّ زمان إمام. (٤)
[٢٥] (وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ وَبِالزُّبُرِ وَبِالْكِتابِ الْمُنِيرِ (٢٥))
قال سبحانه تسلية لنبيّه صلىاللهعليهوآله : (وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) من الكفّار أنبياء أرسلهم الله إليهم. (بِالْبَيِّناتِ) ؛ أي : بالمعجزات الظاهرات. (وَبِالزُّبُرِ) ؛ أي : بالكتب (وَبِالْكِتابِ الْمُنِيرِ) : الواضح البيّن. وإنّما كرّر ذكر الكتاب وعطفه على الزبر لاختلاف الصفتين.
__________________
(١) مجمع البيان ٨ / ٦٣٣.
(٢) الكشّاف ٣ / ٦٠٨.
(٣) مجمع البيان ٨ / ٦٣٣ ـ ٦٣٤.
(٤) تفسير القمّيّ ٢ / ٢٠٩.