(هُوَ الْغَنِيُّ). أي [عن] عبادتكم. (١)
[١٦ ـ ١٧] (إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ (١٦) وَما ذلِكَ عَلَى اللهِ بِعَزِيزٍ (١٧))
ثمّ أخبر عن كمال قدرته فقال : (إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ) إلى قوله : (بِعَزِيزٍ) ؛ أي : ممتنع. (٢)
(إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ). غضب عليهم لاتّخاذهم الأنداد. كما قال : (وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ). (٣) يعني [يخلق بعدكم] من لا يشرك به شيئا. (٤)
[١٨] (وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلى حِمْلِها لا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كانَ ذا قُرْبى إِنَّما تُنْذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَمَنْ تَزَكَّى فَإِنَّما يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ وَإِلَى اللهِ الْمَصِيرُ (١٨))
(وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ). وأمّا التوفيق بينها وبين قوله سبحانه : (وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقالَهُمْ وَأَثْقالاً مَعَ أَثْقالِهِمْ)(٥) فتلك الآية في الضالّين المضلّين وأنّهم يحملون أثقال إضلال الناس مع أثقال ضلالهم وذلك كلّه أوزارهم ما فيها شيء من وزر غيرهم. ألا ترى كيف كذّبهم الله في قولهم : (اتَّبِعُوا سَبِيلَنا وَلْنَحْمِلْ خَطاياكُمْ وَما هُمْ بِحامِلِينَ مِنْ خَطاياهُمْ مِنْ شَيْءٍ). (٦) فإن قلت : ما الفرق بين قوله : (وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ) ومعنى (وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ)؟ قلت : الأوّل في الدلالة على عدل الله في حكمه وأنّه لا يؤاخذ نفسا بغير ذنبها ، والثاني في أن لا غياث يومئذ لمن استغاث وإن استغاث بأقاربه من أب وأخ. (وَلَوْ كانَ). الضمير فيه راجع إلى المدعوّ المفهوم من قوله : (وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ). وترك ذكر المدعوّ ليعمّ ويشمل كلّ مدعوّ. (بِالْغَيْبِ). حال من الفاعل أو المفعول. أي : يخشون ربّهم غائبين من عذابه. أو : يخشون عذابه غائبا عنهم. وهذه صفة أصحاب الرسول. (وَمَنْ تَزَكَّى) ؛ أي : تطهّر بفعل الطاعات وترك
__________________
(١) مجمع البيان ٨ / ٦٣١ ـ ٦٣٢.
(٢) مجمع البيان ٨ / ٦٣٢.
(٣) محمّد صلىاللهعليهوآله (٤٧) / ٣٨.
(٤) الكشّاف ٣ / ٦٠٦.
(٥) العنكبوت (٢٩) / ١٣.
(٦) العنكبوت (٢٩) / ١٢.