[٤٠] (وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ يَقُولُ (١) لِلْمَلائِكَةِ أَهؤُلاءِ إِيَّاكُمْ كانُوا يَعْبُدُونَ (٤٠))
(وَيَوْمَ). يعني يوم القيامة. (يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً) : نحشر العابدين لغير الله والمعبودين من الملائكة للحساب. (ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلائِكَةِ أَهؤُلاءِ) الكفّار كانوا يقصدونكم للعبادة؟ وهذا على وجه التقرير والاستشهاد للملائكة على اعتقادات الكفّار حتّى تتبرّأ الملائكة منهم ومن عبادتهم. كما قال سبحانه : (أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللهِ)(٢). (٣)
خطاب للملائكة وتقريع للكفّار ، وارد على المثل السائر : (إياك أعني واسمعي يا جارة». ونحوه قوله تعالى : (أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلهَيْنِ) وقد علم سبحانه كون الملائكة وعيسى منزّهين ممّا وجّه عليهم من السؤال الوارد على طريق التقرير. والغرض أن يقول ويقولوا ويسأل ويجيبوا فيكون تقريعهم أشدّ وخجلهم أعظم ويكون اقتصاص ذلك لطفا لمن سمعه وزاجرا لمن اقتصّ عليه. (٤)
[٤١] (قالُوا سُبْحانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنا مِنْ دُونِهِمْ بَلْ كانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ (٤١))
(كانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ). يريدون الشياطين حيث أطاعوهم في عبادة غير الله. وقيل : صوّرت لهم الشياطين صور قوم من الجنّ وقالوا : هذه صور الملائكة فاعبدوها. وقيل : كانوا يدخلون في أجواف الأصنام فيعبدونها بعبادتها. (٥)
(قالُوا) ؛ أي : قالت الملائكة : تنزيها لك عن أن نعبد سواك. (أَنْتَ وَلِيُّنا) ؛ أي : ناصرنا وأولى بنا من دون هؤلاء الكفّار ودون كلّ أحد وما كنّا نرضى لعبادتهم إيّانا مع علمنا بأنّك ربّنا وربّهم. (بَلْ كانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ) بطاعتهم إيّاهم فيما دعوهم إليه من عبادة الملائكة. و
__________________
(١) وقرئ أيضا : «ويوم نحشرهم جميعا ثم نقول» وهي هكذا في متن المجمع كما سترى.
(٢) المائدة (٥) / ١١٦.
(٣) مجمع البيان ٨ / ٦١٦.
(٤) الكشّاف ٣ / ٥٨٧ ـ ٥٨٨.
(٥) الكشّاف ٣ / ٥٨٨.